اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 43
فقام إليه أبو بلال مرداس بن أديّة [1] ، و هو يهمس و يقول: أنبأنا اللّه بغير ما قلت، فقال: (و إبراهيم الذي و فى. ألا تزر وازرة وزر أخرى. و أن ليس للانسان إلا ما سعى) . و أنت تزعم إنك تأخذ البريء بالسقيم، و المطيع بالعاصي، و المقبل بالمدبر. فسمعه زياد فقال: أنا لا نبلغ ما نريد فيك و في أصحابك حتى نخوض إليكم الباطل خوضا.
و قال الشعبي: ما سمعت متكلما على منبر قط تكلم فأحسن إلا أحببت أن يسكت خوفا أن يسيء، إلا زيادا، فإنه كلما أكثر كان أجود كلاما.
أبو الحسن المدائني قال: قال الحسن: أوعد عمر فعوفي، و أوعد زياد فابتلي.
قال: و قال الحسن تشبه زياد بعمر فأفرط، و تشبه الحجاج بزياد فأهلك الناس.
[مقطعات و خطب قصيرة]
قال أبو عثمان: قد ذكرنا من كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و خطبه صدرا، و ذكرنا من خطب السلف رحمهم اللّه جملا، و سنذكر من مقطّعات الكلام، و تجاوب البلغاء، و مواعظ النساك، و نقصد من ذلك إلى القصار دون الطوال، ليكون ذلك أخفّ على القارئ، و أبعد من السآمة و الملل. ثم نعود بعد ذلك إلى الخطب المنسوبة إلى أهلها إن شاء اللّه. و لا قوة إلا باللّه.
قال ابو الحسن المدائني: قدم عبد الرحمن بن سليم الكلبي، على المهلّب بن ابي صفرة، في بعض أيامه مع الأزارقة، فرأى بنيه قد ركبوا عن آخرهم فقال: «شدّ اللّه الاسلام بتلاحقكم، فو اللّه لئن لم تكونوا أسباط نبوة إنكم لأسباط ملحمة» .
[1] مرداس بن أدية: أحد زعماء الخوارج، خرج زمن يزيد بن معاوية قرب البصرة على عبيد اللّه بن زياد فوجه اليه حملة و هزمه و قتل سنة 61 هـ.
اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 43