اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 40
عيونكم أصغر من حثالة القرظ، و قراضة الجلمين [1] . و اتعظوا بمن كان قبلكم، قبل أن يتعظ بكم من يأتي بعدكم. فارفضوها ذميمة، فإنها رفضت من كان أشغف بها منكم.
و في هذه الخطبة أبقاك اللّه ضروب من العجب: منها أن الكلام لا يشبه السبب الذي من أجله دعاهم معاوية، و منها أن هذا المذهب تصنيف الناس، و في الأخبار عما هم عليه من القهر و الاذلال، و من التقية و الخوف أشبه بكلام علي رضي اللّه عنه و معانيه و حاله منه بحال معاوية. و منها أنّا لم نجد معاوية في حال من الحالات يسلك في كلامه مسلك الزهاد، و لا يذهب مذاهب العباد.
و إنما نكتب لكم و نخبر بما سمعناه، و اللّه أعلم بأصحاب الأخبار، و بكثير منهم.
خطبة زياد بالبصرة.
و هي التي تدعى البتراء
قال أبو الحسن المدائني، و غيره، ذكر ذلك عن مسلمة بن محارب، و عن أبي بكر الهذلي قالا: قدم زياد البصرة واليا لمعاوية بن أبي سفيان و ضم إليه خراسان و سجستان، و الفسق بالبصرة كثير فاش ظاهر.
قالا: فخطب خطبة بتراء، لم يحمد اللّه فيها، و لم يصل على النبي.
و قال غيره: بل قال:
الحمد للّه على أفضاله و إحسانه، و نسأله المزيد من نعمه و إكرامه. اللهم كما زدتنا نعما فألهمنا شكرا.
أما بعد فإن الجهالة الجهلاء، و الضلالة العمياء، و الغيّ الموفي بأهله