اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 236
قالوا: و كان عامر بن عبد اللّه بن الزبير في المسجد، و كان قد أخذ عطاءه فقام إلى منزله و نسيه، فلما صار في منزله و ذكره بعث رسولا ليأتيه به، فقيل له: و أين تجد ذلك المال؟فقال: سبحان اللّه، أو يأخذ أحد ما ليس له.
أبو الحسن قال: قال سعيد بن عبد الرحمن الزّبيريّ، قال: سرقت نعل عامر بن عبد اللّه الزبيري فلم يتخذ نعلا حتى مات، و قال: أكره أن اتخذ نعلا فلعلّ رجلا يسرقها فيأثم.
و قالوا: إن الخلفاء و الأئمة أفضل من الرعية، و عامة الحكام أفضل من المحكوم عليهم و لهم، لأنهم افقه في الدين و أقوم بالحقوق، و أردّ على المسلمين و علمهم بهذا أفضل من عبادة العباد، لأن نفع ذلك لا يعدو قمم رءوسهم، و نفع هؤلاء يخص و يعم.
و العبادة لا تدلّه و لا تورث البله إلا لمن آثر الوحدة، و ترك معاملة الناس، و مجالسة أهل المعرفة. فمن هنالك صاروا بلها، حتى صار لا يجيء من اعبدهم حاكم و لا إمام.
و ما أحسن ما قال أيوب السختياني، حيث يقول: «في أصحابي من أرجو دعوته و لا أقبل شهادته» . فإذا لم يجز في الشهادة كان من أن يكون حاكما أبعد.
مقطعات من الشعر
.
و قال الشاعر:
و عاجز الرأي مضياع لفرصته # حتى إذا فات أمر عاتب القدرا
و من غير هذا الباب قوله:
إذا ما الشيخ عوتب زاد شرا # و يعتب بعد صبوته الوليد [1]
[1] يعتب: يرضى، أعتبه: أرضاه. الصبوة: الميل إلى الجهل.
اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 236