اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 22
على كيده. فلما دخلها بغير حمدهم، و ظهر عليها على صغر منهم، قام خطيبا فيهم، فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: «أقول كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم و هو أرحم الراحمين» .
و إنما نقول في كل باب بالجملة من ذلك المذهب، و إذا عرفتم أول كل باب كنتم خلقاء أن تعرفوا الأواخر بالأوائل، و المصادر بالموارد.
خطبة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في الوداع
قال صلّى اللّه عليه و سلّم: الحمد للّه، نحمده و نستعينه، و نستغفره و نتوب إليه، و نعوذ باللّه من شرور أنفسنا، و من سيئات أعمالنا. من يهد اللّه فلا مضلّ له، و من يضلل فلا هادي له. و اشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله. أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه، و أحثكم على طاعته، و أستفتح بالذي هو خير. أما بعد، أيها الناس أسمعوا مني أبيّن لكم، فإني لا أدري، لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا. أيها الناس: إن دماءكم و أموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا.
ألا هل بلّغت؟اللهم أشهد!.
فمن كانت عنده أمانة فليؤدّها إلى الذي ائتمنه عليها. و إن ربا الجاهلية موضوع، و إن أول ربا أبدا به ربا عمي العباس بن عبد المطلب. و إن دماء الجاهلية موضوعة، و إن أول دم نبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. و إن مآثر الجاهلية موضوعة، غير السدانة [1] و السقاية. و العمد قود [2] ، و شبه العمد ما قتل بالعصا و الحجر، و فيه مائة بعير، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية.