responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 77

فهذا في اقتران الألفاظ. فأما في اقتران الحروف فإن الجيم لا تقارن الظاء و لا القاف و لا الطاء و لا الغين، بتقديم و لا بتأخير. و الزاي لا تقارن الظاء و لا السين و لا الضاد و لا الذال، بتقديم و لا بتأخير. و هذا باب كبير. و قد يكتفي بذكر القليل حتى يستدل به على الغاية التي إليها يجري.

[اللكنة]

و قد يتكلم المغلاق الذي نشأ في سواد الكوفة بالعربية المعروفة، و يكون لفظه متخيرا فاخرا، و معناه شريفا كريما، و يعلم مع ذلك السامع لكلامه و مخارج حروفه أنه نبطي. و كذلك إذا تكلم الخراساني على هذه الصفة، فإنك تعلم مع إعرابه و تخير ألفاظه في مخرج كلامه، إنه خراساني. و كذلك إن كان من كتاب الأهواز.

و مع هذا إنا نجد الحاكية من الناس يحكي ألفاظ سكان اليمن مع مخارج كلامهم، لا يغادر من ذلك شيئا. و كذلك تكون حكايته للخراساني و الأهوازي و الزنجي و السندي و الأجناس و غير ذلك. نعم حتى تجده كأنه أطبع منهم، فإذا ما حكى كلام الفأفاء فكأنما قد جمعت كل طرفة في كل فأفاء في الأرض في لسان واحد. و تجده يحكي الأعمى بصور ينشئها لوجهه و عينيه و أعضائه، لا تكاد تجد من ألف أعمى واحدا يجمع ذلك كله، فكأنه قد جمع جميع طرف حركات العميان في أعمى واحد.

و لقد كان أبو دبوبة الزنجي، مولى آل زياد، يقف بباب الكرخ، بحضرة المكارين‌ [1] ، فينهق، فلا يبقى حمار مريض و لا هرم حسير، و لا متعب بهير إلا نهق. و قبل ذلك تسمع نهيق الحمار على الحقيقة، فلا تنبعث لذلك، و لا يتحرك منها متحرك حتى كان أبو دبوبة يحركه. و قد كان جمع جميع الصور التي تجمع نهيق الحمار فجعلها في نهيق واحد. و كذلك كان في نباح الكلاب. و لذلك زعمت الأوائل أن الإنسان إنما قيل له العالم الصغير سليل


[1] المكارين: جمع مكار، و هو من يكريك دابته تنتفع بها بالكراء.

اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست