اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 284
[شبيب بن شيبة]
و من الخطباء العلماء الأبيناء، الذين جروا من الخطابة على أعراق قديمة: شبيب بن شيبة، و هو الذي يقول في صالح بن أبي جعفر المنصور و قد كان المنصور أقام صالحا فتكلم، فقال شبيب: «ما رأيت كاليوم أبين بيانا، و لا أجود لسانا، و لا أربط جنانا، و لا أبلّ ريقا، و لا أحسن طريقا، و لا أغمض عروقا من صالح. و حق لمن كان أمير المؤمنين أباه، و المهدي أخاه، أن يكون كما قال زهير:
يطلب شأو أمرين قدّما حسنا # نالا الملوك و بذّا هذه السّوقا [1]
هو الجواد فإن يلحق بشأوهما # على تكاليفه فمثله لحقا
أو يسبقاه على ما كان من مهل # فمثل ما قدما من صالح سبقا [2]
قال: و خرج شبيب من دار الخليفة يوما فقال له قائل: كيف رأيت الناس؟قال: رأيت الداخل راجيا و الخارج راضيا.
قال: و قال خالد بن صفوان: «اتقوا مجانيق البغضاء» ، يريد الدعاء.
قال: و قال شبيب بن شيبة: «أطلب فإنه دليل على المروءة، و زيادة في العقل، و صاحب في الغربة، و صلة في المجلس» .
و قال شبيب للمهدي يوما: «أراك اللّه في بنيك ما أرى أباك فيك، و أرى اللّه بنيك فيك ما أراك في أبيك» .
و قال أبو الحسن: قال زيد بن علي بن الحسين: «أطلب ما يعنيك و اترك ما لا يعنيك، فإن في ترك ما لا يعنيك دركا لما يعنيك، و إنما تقدم على ما قدمت، و لست تقدم على ما أخرت. فآثر ما تلقاه غدا، على ما لا تراه أبدا» .
[1] الشأو: السبق. بذ: غلب. السوق: جمع سوقة، و هم أوساط الناس.
[2] المهل: التقدم. يعني هو معذور أن سبقاه لأنهما أخذا مهلة قبله فتقدماه.
اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 284