لم يكن عن جناية لحقتني # لا يساري و لا يميني جنتني
بل جناها أخ عليّ كريم # و على أهلها براقش تجني
لأن هذه الكلبة، و هي براقش، نبحت غزّى، قد مروا من ورائهم و قد رجعوا خائبين مخفقين، فلما نبحتهم استدلوا بنباحها على أهلها و استباحوهم، و لو سكتت كانوا قد سلموا. (فضرب ابن بيض به المثل) .
و قال الأخطل:
تنقّ بلا شيء شيوخ محارب # و ما خلتها كانت تريش و لا تبري
ضفادع في ظلماء ليل تجاوبت # فدلّ عليها صوتها حية البحر
النقيق: صياح الضفادع.
و قالوا: «الصمت حكم و قليل فاعله» .
و قالوا: «استكثر من الهيبة صامت» .
و قيل لرجل من كلب طويل الصمت: بحق ما سمتكم العرب خرس العرب. فقال: «أسكت فأسلم، و أسمع فأعلم» .
و كانوا يقولون: «لا تعدلوا بالسلامة شيئا» .
و لا تسمع الناس يقولون: جلد فلان حين سكت، و لا قتل فلان حين صمت. و تسمعهم يقولون: جلد فلان حين قال كذا، و قتل حين قال كذا و كذا.
و في الحديث المأثور: «رحم اللّه من سكت فسلم، أو قال فغنم» .
[1] حمزة بن بيض: شاعر أموي ماجن متكسب بشعر مدح المهلب بن أبي صفرة و ولده و حظي عندهما.
اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 225