responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الازمنه والامكنه المؤلف : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    الجزء : 1  صفحة : 64


قلت : هم يقولون مثل هذا إذا قصدوا التّنبيه على تناهي الشيء وبلوغه أقصى مأخذه حتى يستغرق أكثر أوصافه على ذلك قول الأعشى ، وهو يهول أمره ويعظمه فيما قاساه في الغزل حتى بلي فيه بما لا مزيد على شأنه فقال :

علقتها عرضا وعلقت رجلا * غيري وعلق أخرى غيرها الرّجل وعلقته فتاة ما يخاف لها * من قومها ميت يهذي بها وهل وعلقتني فتاة ما تلا يمني * فاجتمع الحبّ حبا كلَّه تبل فكلَّنا هائم يهذي بصاحبه * فآب ودان مخبول ومختبل

فهذا من الباب الذي نحن فيه ، وقد فعل اللَّه مثل ذلك فيما ضربه من المثل للكفر والضّلال فقال تعالى : * ( أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ) * الآية ، فكما ضرب للهدى المثل بالنّور على ذلك الحدّ من التأكيد ضرب للكفر مثله وعلى حده .
فأما قوله : * ( يَهْدِي الله لِنُورِه مَنْ يَشاءُ ) * [ سورة النور ، الآية : 35 ] فإنه يحتمل وجهين :
( أحدهما ) أن يكون مثل قوله تعالى : * ( أَ فَمَنْ شَرَحَ الله صَدْرَه لِلإِسْلامِ ) * [ سورة الزمر ، الآية : 22 ] وقوّى بصيرته ونوّر منهاجه وقصده ، ويجوز أن يريد بالنّور الذي يهديه له ما يفعل اللَّه بالمؤمنين من إرشادهم إلى طريق الجنة ، كما قال في صفتهم : * ( نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وبِأَيْمانِهِمْ ) * [ سورة التحريم ، الآية : 8 ] ، ومثل قوله تعالى : * ( الله نُورُ السَّماواتِ والأَرْضِ ) * ، قوله تعالى في صفة النبي صلى اللَّه عليه وسلم : * ( إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً ومُبَشِّراً ) * * [ سورة الفتح ، الآية : 8 ] الآية ، وهذا واضح بيّن .
قوله تعالى : * ( وأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ ) * إلى * ( شِهاباً رَصَداً ) * [ سورة الجن ، الآية : 8 ] يقال لمس والتمس بمعنى طلب وحمل عليهما المس أيضا ، فالحجة في الأول قوله الام على تبكيه فلا أجده يكشف ذلك قوله : فلا أجده ، وفعل ، وافتعل يتصاحبان كثيرا ، وأما المس وخروجه إلى معنى اللمس فقد استشهد له بقوله :

مسسنا من الآباء شيئا وكلَّنا * إلى حسب في قومه غير واضع

فقيل المعنى طلبنا في نسب آبائنا هل فيه ما يقتضي ما أنكرناه من أخلاقهم لأنّ المس بالجارحة لا يتأتى في الأنساب ، والأحساب ، ثم حمل قوله تعالى : * ( لا يَمَسُّه إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) * [ سورة الواقعة ، الآية : 79 ] ، وقيل معناه لا يطلب النّظر في أدلة اللَّه المنصوبة في كتابه العزيز للاقتباس من آدابه وحكمه ، والاعتبار بأمثاله ، وحججه إلا المطهرون من دنس الشرك ودغل الكفر ، ويكون على هذا التأويل الكلام خبرا .

اسم الکتاب : الازمنه والامكنه المؤلف : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    الجزء : 1  صفحة : 64
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست