يعني بالفقع أذناب المعزى ، يقول الإبل : تستطيع أن تنال من البلاد ما لا تستطيعه الغنم ، ويصبر على الظمأ وقال جندل الطَّهوي يصف عيرا :
رعى جماد ثادق فالقر قره * أزواج مزه زخري الزّهرة حتى إذا ما الهيف حتّ تمره * وأسبلت بعد الجناه الهيشرة وودّع العشّ فراخ الحمرة * ونشر اليسروع بردي حبرة وظهرت ذات العشاء الحشرة * ونقض الفقع فأبدى بصرة وقام للجندب ظهرا صرصرة * شدّ على أهل الورد ميزرة
أراد بالأزواج الألوان من النّبات والمزهي : ذو الزّهو والهيشرة نبت ، ويعني ببردي حبّرة جناحيه لأنّه يسلخ فيصير فراشة في آخر الرّبيع وإنمّا ظهرت الحشرة ذات العشاء لبرد اللَّيل . وإنّ حرّ النّهار كان مانعها من الانتشار ، والفقع ضرب من الكماة أبيض ، فإن استبشر في أول الزّمان ، وإلَّا شقّ الأرض عن نفسه ، وظهر ثم يصفر إذا تطاولت به الأيام واشتدّ الحر . لذلك قال السّاجع : إذا طلعت الهقعة أدرست الفقعة ، وتعرض النّاس للقلعة ، ورجعوا عن النّجعة ، وقال الرّاعي في ظهور الفقعة من تحت التّراب :
بأرض يبن الفقع فيها قناعه * كما أبتنّ شيخ من رفاعة أجلح
شبه الفقعة برأس الشيّخ لتجرّدها . وقال السّاجع أيضا في الظَّعن عن البدو والرّجوع إلى الحضر : إذا طلع الشرّطان خضرت الأعطان ، وطلوع سهيل وقت لأوّل التّبدي وغيبوبته وقت لأول الحضور ، وهو يطلع إذا ناء سعد السّعود ويغيب قبل أن ينوء الغفر . فمدة طلوعه نحو من ثمانية عشر نوءا وذلك قريب من ثلثي السنة ، ومدة غيبوبته نحو من عشرة أنواء ، وهو قريب من ثلث السّنة . وقال ذو الرّمة يصف امرأة ويذكر وقت مبدئها ومحضرها شعرا :
غراء أنسة تبدو بمعقله * إلى سويقة حتّى يحضر الحضرا تشتو إلى عجمة الدّهنا ومربعها * روض يناصي على ميثه العفرا حتى إذا هزّت البهمى ذوائبها * في كلّ يوم يشهي البادي الحضرا وزفزفت للزّباني من بوارحها * هيف أنشّت به الأصناع والخبرا ردّوا لأحداجهم بزلا مخيسة * قد هرمل الصّيف عن أكتافها الوبرا
وواحد الأصناع صنع ، وهو محبس الماء وزفزفة الرّيح سوقه لحطام النّبت فيسمع جرسها ومعنى أنشّت أيبست ، والخبرة القاع نبت السّدر ، والجميع الخبر فهذا ابتداء ذكر المبدأ والمحضر وسنحكم القول فيه فيما بعد إنّ شاء اللَّه تعالى .