responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الازمنه والامكنه المؤلف : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    الجزء : 1  صفحة : 118


اعتادوا في الدّنيا والبكرة ما اتصل بما قبله من الليل ، والعشي ما يتصل به اللَّيل ولا ليل في الجنة ولكن على ما ألفوا في الدّنيا وتعودوه من الأوقات ومثله قوله تعالى : * ( كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً ) * [ سورة الإسراء ، الآية : 97 ] ولا خبو لنار المعاد ولكن عندما علم من خبو نار الدنيا وانقضاء تصرّمها يجدد لأولئك العذاب ، فأما قولهم المبكر فهو ما جاء في أوّل الوقت وليس هو من بكور الغداة . ومنه قوله عليه السلام : « بكروا بصلوة المغرب » والتبكير أول أوقات الصّلوة . ومنه قوله عليه السلام : « من بكَّر وابتكر » فبكر يكون لأول ساعات النّهار ويكون لأول وقت من الزّوال وابتكر لا يكون لأوّل ساعات النهار .
قال أبو العباس ثعلب : يجوز في قوله : ابتكر أسرع إلى الخطبة حتى يكون أول دان وسامع ، كما تقول ابتكرت الخطبة والقصيدة أي اقتضبتها وارتجلتها ابتداء لم أرد فيه وقول الفرزدق : إبكار كرم تقطف فالمراد حملت أول حملها وأنشدني شيخنا أبو علي ، قال أنشدني أبو بكر السّراج لعنترة العبسي :

إن كنت أزمعت الفراق فإنما * زمت جمالكم بليل مظلم

قال يقول : إنّك ابنة ملك فلا يرحل بك إلَّا ليلا فلذلك خفي . قال : ويجوز أن يكون المعنى إن كنت أظهرت رحلتك الآن فإنما وقع العزم عليه ليلا ، كما قال الحارث بن جلزة شعرا :

أجمعوا أمرهم بليل فلمّا * أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء

كان المراد أمرهم في الارتحال دبر بليل ولم يكن فلتة . وقول الشاعر عمرو ابن كلثوم شعرا :

و أيام لنا غرّ طوال * عصينا الملك فيها أن ندينا

أراد الأوقات لأنّ معصيتهم للملك كانت في اللَّيل والنّهار ، فإن قلت : كيف تكون اللَّيالي غرا إلا ما يذكر من ليالي الشّهر يقال ثلاث غرر وذلك لبياضها بدوام القمر فيها ؟
قيل : لم يرد بالغر بياض الوقت ووضوحه بضياء شمس أو قمر إنما أراد إسفاره وإشراقه واشتهاره في مواطن الشرّف والمجد والسنّا والافتخار ، وحميد البلاء ، وحسن الآثار ولقاح الغرّة وامتناع الجانب على من يأتيهم وكذلك قول القائل شعرا :

و أيامنا مشهورة في عدّونا * لها غرر معلومة وحجول

ويجوز أن يريد في الأوّل بالغر أيضا بياض المقاديم كغرّة الفرس ، فأما قولهم : أيامنا طابت ببلد كذا والمراد لياليها ، فهو من هذا ولذلك قيل : لو أن إنسانا قال : عبدي حر لوجه اللَّه يوم يقدم علينا فلان أنه يعتق وإن قدم ليلا ، وعلى هذا قوله تعالى : * ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ

اسم الکتاب : الازمنه والامكنه المؤلف : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    الجزء : 1  صفحة : 118
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست