responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تهذيب اللغة المؤلف : الأزهري، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 180

أعقبته. ويقول الرجلُ لزميله : أعقِبْ وعاقِبْ ، أي انزِلْ حتّى أركبَ عُقبتي. وكذلك كلُّ عمل.

وقال الله جلّ وعزّ : (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) [الرّعد : ١١] قال الفراء : المعقِّبات : الملائكةُ ملائكةُ الليل تعقِّب ملائكة النهار.

قلت : جعل الفراءُ عقَّبَ بمعنى عاقب ، كما يقال ضاعَفَ وضعَّف وعاقد وعَقَّد بمعنى واحد ، فكأنَّ ملائكة النهار تحفظ العبادَ فإذا جاء الليلُ جاء معه ملائكةُ الليل وصَعِد ملائكةُ النهار ، فإذا أقبلَ النهار عادَ من صعِد وصعِد ملائكةُ الليل ، كأنَّما جَعَلوا حفظهُ عُقَباً أي نُوَباً.

وقال أبو الهيثم : كلُّ مَن عمِل عملاً ثم عاد إليه فقد عقَّب ؛ ومنه قيل للذي يَغْزُو غزْواً بعد غَزْوٍ ، وللذي يتقاضى الدَّينَ فيعود إلى غريمه في تقاضيه : مُعَقِّب.

وقال لبيد :

حتَّى تهجَّرَ في الرَّواحِ وهاجَه

طلبَ المعقِّب حقَّه المظلومُ

وقال سلامة بن جندل :

إذا لم يُصِبْ في أوّل الغَزْو عَقَّبا

أي غزا غزوةً أخرى.

قال : وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «معَقِّباتٌ لا يَخِيب قائلُهنّ ، وهو أن يسبّح في دُبر صلاته ثلاثاً وثلاثين تسبيحة ، ويكبّر أربعاً وثلاثين تكبيرة ، ويحمِّد الله ثلاثاً وثلاثين تحميدة». فسمِّين معقِّباتٍ لأنّها عادت مرّةً بعد مرّة.

وقال شمر : أراد بقوله : معقِّبات لا يخيب قائلهن : تسبيحات تَخْلُف بأعقاب الناس.

قال : والمُعقِّب من كل شيء : ما خَلَفَ يُعقِّب ما قبله. وأنشد : ولكنْ فتًى من صالح القوم عقّبا يقول : عُمِّر بعدهم وبقيَ. ويقال عقَّب في الشَّيب بأخلاق حسنة.

وأخبرني المنذريّ عن أحمد بن يحيى قال : قال الأخفش في قوله : (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) [الرّعد : ١١] : إنَّما أنثت لكثرة ذلك منها نحو نسّابة وعلّامة ؛ وهو ذكَر.

وقال أبو العباس : قال الفراء : ملائكة مُعَقِّبةٌ ، ومعقِّبات جمع الجمع.

وقال أبو سعيد في قول لبيد :

طلب المعقِّب حقَّه المظلومُ

قال : المعقِّب : الغريم الماطل في قول لبيد. قال : والمعقِّب : الذي أُغِير عليه فحُرِبَ فأغار على الذي كان أغارَ عليه فاسترجعَ مالَه.

وأما قوله عزوجل : (لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) [الرّعد : ٤١] فإنَّ الفراء قال : معناه لا رادَّ لحكمه. قال : والمعقِّب : الذي يكُرُّ على الشيء ؛ ولا يكرُّ أحدٌ على ما أحكمه الله.

وروى شمر عن عبد الصمد عن سفيان أنه قال في قول الله : (وَلَمْ يُعَقِّبْ) [النَّمل : ١٠] : لم يلتفت. وقال مجاهد : لم يرجع. قال شمر : وكلُّ راجعٍ معَقِّبٌ. وقال الطرمّاح :

وإن تونَّى التّالياتُ عقَّبا

أي رجَع.

وأخبرني المنذرِيّ عن ثعلب عن ابن

اسم الکتاب : تهذيب اللغة المؤلف : الأزهري، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست