اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده الجزء : 10 صفحة : 85
الذال والنون والميم
م ن ذ
* مُنْذُ : تَحدِيدُ غايَةٍ زَمانِيَّةٍ ، النُّون فيها
أَصْلِيَّةٌ ، رُفِعَتْ على تَوَهُّمِ الغايَةِ. قالَ بَعْضُهم : وأصلها (مِنْ إذْ).
وقد تُحْذَفُ النُّون فى لُغَةٍ. ولمّا كَثُرتْ فى الكلامِ طُرِحَتْ هَمْزَتُها ،
وجُعِلَت كَلِمةً واحدةً.
* ومُذْ ـ مُحْذُوفٌ منها ـ : تحدِيد غايَةٍ زَمانِيَّةٍ أيضًا.
وقولُه : ما
رَأَيْتُه مُذُ اليَوْمِ. حَرَّكُوها لالْتِقاءِ الساكِنَيْنِ ، ولم
يَكْسِرُوها ، لكنَّهم ضَمُّوها ؛ لأَنَّ أَصْلَها الضَّمُّ فى « مُنْذُ ».
قالَ ابن
جِنِّى : لكنه الأَصْلُ الأَقْرَبُ. أَلا تَرَى أَنَّ أوَّلَ حالِ هذه الذّالِ أن
تكونَ ساكنةً ، وأَنّها إِنَّما ضُمَّتْ لالْتِقاءِ السّاكِنَيْنِ إِتباعًا
لضَمَّةِ الميمِ ، فهذا على الحَقِيقةِ ـ هو الأَصْلُ الأَوَّلُ.
قال : فأَمّا
ضَمُّ ذالِ « مُنْذُ » فإِنّما هُو فى الرُّتْبَةِ بعد سُكُونِها الأَوَّلِ
المُقَدَّرِ. ويَدُلُّكَ على أَنَّ حَرَكَتَها إِنَّما هى لالْتِقاءِ الساكِنَيْنِ
أَنَّه لما زالَ الْتِقاؤُهُما سَكَنَت الذّالُ ، فضَمُّ الذّالِ إِذَنْ فى
قَوْلِهم : « مُذُ اليَوْم ». و « مُذُ اللَّيْلَة » إِنَّما هو رَدٌّ إلى الأَصْلِ الأَقْرَبِ
الذى هو « مُنْذُ » ، دُونَ الأَصلِ الأَبْعَدِ المُقَدَّرِ ، الَّذِى هو
سُكُون الذّالِ فى « مُنْذ » قبلَ أن تُحَرّكَ فيما بَعْدُ.
وقد اخْتَلَفَت
العَرَبُ فى « مذ » و « منذ » : فبَعْضُهُم يَخْفِضُ بمُذْ ما مَضَى وما لَمْ يَمْضِ ، وبَعْضُهُم يَرْفَعُ بمُنْذُ ما مَضَى ، وما لَمْ يَمْضِ.
والكَلامُ :
أَنْ تَخْفِضَ بمُذْ ما لَمْ يَمْضِ ، وتَرْفَعَ ما مَضَى ، وتَخْفِضَ بمُنْذ ما لَمْ يَمْضِ ، وما مَضَى ـ وهو المُجْتَمَعُ عليه.