قال : وأَمَّا ظَلْتُ ، فإنها مُشَبَّهَةٌ بلَسْتُ. وأَمّا ما أَنْشَدَه أبو زَيْدٍ لرَجُلٍ من بنى عُقَيْلٍ :
أَلَمْ تَعْلَمِى ما ظِلْتُ بالقَومِ واقِفًا
على طَلَلٍ أَضْحَتْ معارِفُه قَفْرَا؟[١]
فإنَّ ابنَ جِنِّى قالَ : كَسَرُوا الظاءَ فى إِنشادِهِمْ ، وليس من لُغَتِهم.
* وظِلُ النَّهارِ : لَوْنُه إذا غَلَبَتْه الشَّمسُ.
* والظِّلُ : نَقيضُ الضِّحِّ. وبعضُهم يَجْعَلُ الظِّلَ : الفَىْءَ.
قال رُؤبةُ : كُلُّ موضعٍ تكونُ فيه الشَّمْسُ فتَزُولُ عنه ، فهو ظِلٌ وفىْءٌ.
وقيلَ : الفَىْءُ بالعَشِىِّ ، والظِّلُ بالغَداةِ. فالظِّلُ : ما كانَ قبل الشمس ، والفَيْءُ : ما فاءَ بعدُ.
وقالوا : ظِلُ الجَنَّةِ ، ولا يُقالُ : فَيْؤُها ؛ لأَن الشمسَ لا تُعاقِبُ ظِلَّها فيكون هُناكَ فَىْءٌ ، إنما هى أبدًا ظِلٌ. ولذلِك قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ : (أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها) [الرعد : ٣٥]. أرادَ : وظِلُّها دائِمٌ أَيْضًا.
* وجَمْعُ الظِّلِ : أَظْلالٌ ، وظِلالٌ ، وظُلُولٌ.
وقد جَعَلَ بعضُهم للجَنَّةِ فَيْئًا : غيرَ أَنَّه قَيَّدَه بالظِّلِ. قالَ ـ يَصِفُ حالَ أَهْل الجَنَّةِ ـ وهو النابِغَةُ الجَعْدِىُّ ـ :
فسَلامُ الإِله يَغْدُو عَلَيْهِم
وفُيُوءُ الفِرْدَوْسِ ذاتُ الظِّلالِ
[٢] وقال كُثَيِّرٌ :
لَقَدْ سِرْتُ شَرْقِىَّ البلادِ وغَرْبَها
وقَد ضَرَبَتْنِى شَمْسُها وظُلُولُها
[٣] ويروى :
*لقد سِرْتُ غَوْرِىَّ البِلادِ وجَلْسَها*
وقولُه تَعالَى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) [الرعد : ١٥]. أرادَ : وتَسْجُدُ ظِلالُهُمْ.
وجاءَ فى التَّفْسِيرِ أَنَّ الكافِرَ يَسْجُدُ لغيرِ اللهِ ، وظِلُّه يَسْجُدُ لله.
[١] البيت لرجل من بنى عقيل فى لسان العرب (ظلل) ؛ وتاج العروس (ظلل).
[٢]البيت للنابغة الجعدى فى ديوانه ص ٢٢٨ ؛ ولسان العرب (ظلل) ؛ وتاج العروس (ظلل) ؛ وللنابغة (دون تجديد) فى المخصص (٩ / ٥٦).
[٣] البيت لكثير فى ديوانه ص ٢٥٩ ؛ ولسان العرب (ظلل) ؛ وتاج العروس (ظلل) ؛ وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ١٣٠٩.