responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده    الجزء : 10  صفحة : 298

ورَبْرَبٍ خِماصِ

يَأْمُرْنَ باقْتِناصِ[١]

إنَّما أَرادَ أَنَّهُنّ يُشَوِّقْنَ مَن رآهُنَّ إِلى تَصَيُّدِها ، واقْتناصِها ، وإلَّا فلَيْسَ لهم أَمْرٌ.

وقَوْلُه تَعالى : (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [الأنعام : ٧١]. العَرَبُ تَقُولُ : أَمَرْتُك أن تَفْعَلَ ، ولِتَفْعَلَ ، وبأَنْ تَفْعَلَ ـ فمَنْ قالَ : أَمَرْتُكَ بأَنْ تَفْعَلَ ، فالباءُ للإلْصاقِ ، والمَعْنَى : وَقَعَ الأَمْرُ بهذا الفِعْلِ. ومَنْ قالَ : أَمَرْتُكَ أَنْ تَفْعَلَ ، فعَلَى حَذْفِ الباءِ ؛ ومَنْ قالَ : أَمَرْتُكَ لِتَفْعَلَ ، فقد أَخْبَرَنا بالعِلَّةِ التى لها وَقَع الأَمْرُ ، والمَعْنَى : أُمِرْنَا للإسْلامِ.

وقولُه تَعالَى : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) [النحل : ١]. قالَ الزَّجّاجُ : (أَمْرُ اللهِ) : ما وَعَدَهُم به من المُجازاةِ عَلَى كُفْرِهم ، ومن أَصْنافِ العَذابِ ، والدَّلِيلُ على ذلِك قَوْلُه تَعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ) [هود : ٤٠] أى : جاءَ ما وَعَدْناهُم به.

وكَذلِكَ قَوْلُه تَعالَى : (أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً) [يونس : ٢٤]. وذلِكَ أَنَّهُم تَعَجَّلُوا العَذابَ ، واسْتَبْطَؤُوا أَمْرَ السَّاعَةِ ، فأَعْلَم اللهُ أَنَّ ذلِكَ فِى قُرْبِه بمَنْزِلَةِ ما قَدْ أَتَى ، كما قالَ : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) [القمر : ١]. وكما قالَ : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) [القمر : ٥٠].

* والأَمِيرُ : الآمِرُ. قالَ :

والنَّاسُ يَلْحَوْنَ الأَمِيرَ إِذا هُمْ

خَطِئُوا الصَّوابَ ولا يُلامُ المُرْشِدُ[٢]

وإِذا أَمَرْتَ مِن « أَمَرَ » قُلتَ : مُرْ ، وأَصْلُه : أُؤْمُر. فلَمّا اجْتَمَعَتْ هَمْزَتان ، وكَثُرَ استِعمالُ الكَلِمةِ حُذِفَت الهَمْزَةُ الأَصْلِيّةُ ، فزَال السّاكِنُ ، فاسْتُغْنِىَ عن الهَمْزَة الزّائِدَةِ ، ونَظِيرُه : كُلْ ، وخُذْ ، ولَيْسَ بمُطَّرِدٍ عند سِيبَوَيْهِ ، وقد جاءَ « أُومُرْهُ » على الأَصْلِ. وفِى التَّنْزِيلِ : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) [طه : ١٣٢]. وفِيه : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) [الأعراف : ١٩٩].

* والْأَمْرُ : الحادِثَةُ ، والجَمعُ : أُمُورٌ ، لا يُكَسَّرُ على غيرِ ذلك ، وفى التَّنْزِيل : (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) [الشورى : ٥٣].

وقوله تعالى : (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) [فصلت : ١٢]. قِيلَ : ما يُصْلِحُها. وقِيلَ : مَلائِكَتُها ـ كِلاهُما عن الزَّجّاجِ.


[١] الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (أمر).

[٢] البيت بلا نسبة فى لسان العرب (أمر) ؛ وتاج العروس (أمر).

اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده    الجزء : 10  صفحة : 298
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست