أجروا الضمير الفاعل مع الفعل مجرى دال زيد من زايه ويائه ، وكأنهم نبهوا
بهذا ونحوه مما يجري مجراه على اعتقادهم قوة اتصال الفعل بالفاعل ، وأنهما قد حلّا
جميعا محلّ الجزء الواحد.
ودليل رابع :
وهو أن أبا عثمان ذهب في قوله عز اسمه : (أَلْقِيا فِي
جَهَنَّمَ) إلى أنه أراد : ألق ألق [١]. قال : فثنى ضمير الفاعل ، فناب ذلك عن تكرير الفعل
فهذا أيضا يشهد بشدة اشتراكهما ، ألا ترى أنه لما ثنّي أحدهما وهو ضمير الفاعل ،
ناب عن تكرير الفعل ، وإنما ناب عنه لقوّة امتزاجهما ، فكأن أحدهما إذا حضر فقد
حضرا جميعا.
ودليل خامس :
وهو قولهم : زيد ظننت قائم ، فيمن ألغى ، فلو لا أن الفعل مع الفاعل كالجزء الواحد
، لما جاز إلغاء الفاعل في ظننت.
فهذا كلّه يشهد
بقوة اختلاط الفعل بالفاعل. وإذا كان ذلك كذلك ، فمن هنا جاز تشبيه تاء «فعلت»
بتاء «افتعل» حتى جاز لبعضهم أن يقول : فحصط برجلي ، وخبطّ بنعمة ، قياسا على
اصطبر واطّلع.
فاعرف ذلك ،
فإنه من سرّ هذه الصناعة.
* * *
[١] الآية في سورة «ق». القيا
: اقذفا ، وارميا. مادة (ل ق ا) اللسان (٥ / ٤٠٦٦). وجهنم : علم على النار. وسميت
بذلك لبعد قعرها. اللسان (١ / ٧١٥).