اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 52
تعويضا عن المحذوف ، وتقوية لهما ؛ والوجه الثّاني : إنّما بنوهما على
الضّمّ ؛ لأنّ النّصب والجرّ يدخلهما ؛ نحو : جئت قبلك ومن قبلك ، وأمّا الرّفع
فلا يدخلهما البتّة ؛ فلو بنوهما على الفتح والكسر ؛ لالتبست حركة الإعراب بحركة
البناء ، فبنوهما على حركة ، لا تدخلهما وهي الضّمة ؛ لئلّا تلتبس حركة الإعراب
بحركة البناء. وأمّا أين وكيف فإنّما بنيا على الفتح ؛ لأنّهما تضمّنا معنى حرف
الاستفهام ؛ لأنّ «أين» سؤال عن المكان ، و «كيف» سؤال عن الحال ، فلمّا تضمّنا
معنى حرف الاستفهام ، وجب أن يبنيا ، وإنّما بنيا على حركة لالتقاء السّاكنين ،
وإنّما كانت الحركة فتحة ؛ لأنّها أخفّ الحركات. وأمّا «أمس» فإنّما بنيت ؛ لأنّها
تضمّنت معنى لام التّعريف ؛ لأنّ الأصل في «أمس» الأمس ، فلّما تضمّنت معنى اللّام
، تضمّنت معنى الحرف ؛ فوجب أن تبنى. وإنّما بنيت على حركة لالتقاء السّاكنين ،
وإنّما كانت الحركة كسرة ، لأنّها الأصل في التّحريك لالتقاء السّاكنين. ومن العرب
من يجعل «أمس» معدولة عن لام التّعريف ، فيجعلها غير مصروفة [١] ؛ قال الشّاعر [٢] : [الرّجز]
وأمّا «هؤلاء»
فإنّما بنيت لتضمّنها معنى حرف الإشارة وإن لم ينطق به ؛ لأنّ الأصل في الإشارة أن
تكون بالحرف كالشّرط ، والنّفي ، التّمنّي ، والعطف ، إلى غير ذلك من المعاني ،
إلّا أنّهم لمّا لم يفعلوا ذلك ؛ ضمّنوا «هؤلاء» معنى حرف الإشارة ، فبنوها ،
ونظير «هؤلاء» «ما» التي في التّعجّب ، فإنّها بنيت. لتضمّنها معنى حرف التّعجّب ،
وإن لم يكن له [٤] حرف ينطق به ؛ لأنّ الأصل في التّعجّب أن يكون بالحرف
كغيره من المعاني ، إلّا أنّهم لمّا لم يفعلوا ذلك ،
النّحاة يسمّون
الضّمّ والفتح عند ما تكونان علامة بناء ، والضّمّة والفتحة عند ما تكونان علامة
رفع ونصب ؛ أي حين تكون الضّمّة علامة رفع ، والفتحة علامة نصب.
[١] أي علامة الرّفع
فيها الضّمّة ، وعلامة النّصب والجرّ الفتحة.