اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 51
النّهي ؛ ولعوامل النّصب والجزم موضع ، نذكرها فيه إن شاء الله تعالى.
[تعريف المبني وأقسامه]
وأمّا المبنيّ
فهو ضدّ المعرب ، وهو ما لم يتغيّر آخره بتغيّر العامل فيه ؛ فمن ذلك : الاسم غير
المتمكّن ، والفعل غير المضارع [١] ؛ فأمّا الاسم غير المتمكّن ؛ فنحو : من ، وكم ، وقبل ،
وبعد ، وأين ، وكيف وأمس ، وهؤلاء.
[الأسماء غير المتمكّنة وعلّة بنائها]
وإنّما بنيت
هذه الأسماء ؛ لأنّها أشبهت الحروف ، وتضمّنت معناها ؛ فأمّا : «من» فإنّها بنيت ؛
لأنّها لا تخلو : إمّا أن تكون استفهاميّة ، أو شرطيّة ، أو اسما موصولا ، أو نكرة
موصوفة ، فإن كانت استفهاميّة فقد تضمّنت معنى حرف الاستفهام ، وإن كانت شرطيّة ،
فقد تضمّنت معنى حرف الشّرط ، وإن كانت اسما موصولا ، فقد تنزّلت منزلة بعض الكلمة
، وبعض الكلمة مبنيّ ، وإن كانت نكرة موصوفة ، فقد تنزّلت منزلة الموصوفة [٢]. وأمّا «كم» فإنّما بنيت ؛ لأنّها لا تخلو : إمّا أن
تكون استفهاميّة ، أو خبريّة ، فإن كانت استفهاميّة ، فقد تضمّنت معنى حرف
الاستفهام ، وإن كانت خبريّة ، فهي نقيضة «ربّ» ؛ لأنّ «ربّ» للتّقليل ، و «كم»
للتّكثير ، وهم يحملون الشّيء على ضدّه كما يحملونه على نظيره. وأمّا «من» و «كم»
فبنيت على السّكون ؛ لأنّه الأصل في البناء ، ولم يعرض فيهما ما يوجب بناءهما على
حركة ؛ فبقيا على الأصل. وأمّا : قبل وبعد فإنّما بنيا ؛ لأنّ الأصل فيهما أن
يستعملا مضافين إلى ما بعدهما ، فلمّا اقتطعا عن الإضافة ـ والمضاف مع المضاف إليه
بمنزلة كلمة واحدة ـ تنزّلا منزلة بعض الكلمة ، وبعض الكلمة مبنيّ ؛ قال الله
تعالى : (لِلَّهِ الْأَمْرُ
مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ)[٣] ، وإنّما بنيا على حركة ؛ لأنّ كلّ واحد منهما كان له
حالة إعراب قبل البناء ؛ فوجب أن يبنيا على حركة تميّزا لهما على ما بني ، وليس له
حالة إعراب ؛ نحو : «من» و «كم» ، وقيل : إنّما بنيا على حركة ؛ لالتقاء السّاكنين
؛ والقول الصّحيح هو الأوّل. فإن قيل : فلم كانت الحركة ضمّة؟ قيل : لوجهين ؛
أحدهما : أنّه لمّا حذف المضاف إليه بنيا على أقوى الحركات ؛ وهي الضّمّ [٤] ،