اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 48
يمنع / من / [١] زيادتها ، كما عرض في الألف والواو ، وأمّا النّون
فإنّما زيدت ؛ لأنّها تشبه حروف المدّ واللّين ، وتزاد معها في باب : الزّيدين ، /
والزّيدين / [٢].
[ترتيب أحرف الزّيادة]
والتّحقيق في
ترتيب هذه الأحرف أن تقدّم الهمزة ، ثمّ النّون ، ثمّ التّاء ، ثمّ الياء ، وذلك ؛
لأنّ الهمزة للمتكلّم وحده ، والنّون للمتكلّم ، ولمن معه ، والتّاء للمخاطب ،
والياء للغائب ، والأصل : أن يخبر الإنسان عن نفسه ، ثمّ عن نفسه ، وعمّن معه ،
ثمّ المخاطب ، ثم الغائب ؛ فهذا هو التّحقيق في ترتيب هذه الأحرف في أوّل الفعل
المضارع.
[الفعل محمول على الاسم في الإعراب]
فإن قيل : هل
الفعل المضارع محمول على الاسم في الإعراب أم هو أصل؟ قيل : لا بل هو محمول على
الاسم في الإعراب ، وليس بأصل فيه ؛ لأنّ الأصل في الإعراب أن يكون للأسماء دون
الأفعال والحروف ، وذلك ؛ لأنّ الأسماء تتضمّن معاني مختلفة ؛ نحو : الفاعليّة ،
والمفعوليّة ، والإضافة ، فلو لم تعرب ؛ لا لتبست هذه المعاني بعضها ببعض ، يدلّك
على ذلك أنّك لو قلت : ما أحسن زيدا! لكنت متعجّبا ، ولو قلت : ما أحسن زيد ؛ لكنت
نافيا ، ولو قلت : ما أحسن زيد؟ ؛ لكنت مستفهما (عن أيّ شيء منه حسن) [٣] ، فلو لم تعرب في هذه المواضع ؛ لالتبس التّعجّب
بالنّفي ، والنّفي بالاستفهام ، واشتبهت هذه المعاني بعضها ببعض ؛ وإزالة الالتباس
واجب. وأمّا الأفعال والحروف : فإنّها تدلّ على ما وضعت له بصيغها ؛ فعدم الإعراب
، لا يخلّ بمعانيها ، ولا يورث لبسا فيها ، والإعراب زيادة ، والحكيم لا يريد
زيادة [٤] لغير فائدة.
[حمل المضارع على الاسم لمشابهته له]
فإن قيل : فإذا
كان الأصل في الفعل المضارع أن يكون مبنيّا ، فلم حمل على الاسم في الإعراب؟ قيل :
إنّما حمل الفعل المضارع على الاسم في الإعراب ؛ لأنّه ضارع الاسم ؛ ولهذا ، سمّي
مضارعا ؛ والمضارعة : المشابهة ، ومنها سمّي الضّرع ضرعا ؛ لأنّه يشابه أخاه.