اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 236
الباب الحادي والخمسون
باب حروف الجزم
[علّة إعمال الأدوات الجازمة الجزم في الأفعال]
إن قال قائل :
لم وجب أن تعمل «لم ، ولمّا ، ولام الأمر ، ولا في النّهي» في الفعل المضارع الجزم؟
قيل : إنّما وجب أن تعمل / الجزم / [١] لاختصاصها بالفعل ؛ وذلك لأنّ «لم» لمّا [٢] كانت تدخل على الفعل المضارع ، فتنقله إلى معنى الماضي
، كما أنّ «إن» التي للشّرط والجزاء تدخل على الفعل الماضي ، فتنقله إلى معنى
المستقبل ، فقد أشبهت حرف الشّرط ، وحرف الشّرط يعمل الجزم ، فكذلك [٣] ما أشبهه ؛ وإنّما وجب لحرف الشّرط أن يعمل الجزم ؛
لأنّه يقتضي جملتين ، فلطول ما يقتضيه حرف الشّرط اختير له الجزم ؛ لأنّه حذف
وتخفيف ، فبمنزلته «لم» في النّقل ، وكان محمولا عليه. وأمّا «لام الأمر» فإنّما
وجب أن تعمل الجزم ؛ لاشتراك الأمر باللّام ، وبغير اللّام في المعنى ، فيجب أن
تعمل لام [٤] الجزم ؛ ليكون الأمر باللّام ؛ مثل الأمر بغير اللّام
في اللّفظ ، وإن كان أحدهما / كان / [٥] جزما ، والآخر وقفا. فأمّا [٦] «لا» في النّهي ، فإنّما وجب أن تجزم حملا على الأمر ؛ لأنّ الأمر ضد
النّهي ، وهم يحملون الشّيء على ضدّه كما يحملونه على نظيره ، ولمّا كان الأمر
مبنيّا على الوقف ، وقد حمل النّهي عليه ، جعل النّهي نظيرا له في اللّفظ ، وإن
كان أحدهما جزما ، والآخر وقفا على ما بيّنّا ؛ فلهذا ، وجب أن تعمل الجزم.
فإن قيل : فإذا
[٧] كان الأصل في «لم» أن تدخل على الماضي ، فلم نقل