اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 229
كذلك ، فإنّه [١] لو كان الأمر كما زعمتم ؛ لوجب أن يختصّ الحذف بما يكثر
استعماله ، دون ما لا يكثر استعماله ؛ فلمّا قيل : «اقعنسس [٢] ، واحرنجم [٣] ، واعلوطّ» [٤] وما أشبه ذلك بالحذف ، ولا يكثر استعماله ؛ دلّ على
فساد ما ذهبوا إليه. فقولهم : إنّ فعل النّهي معرب مجزوم ، فكذلك فعل الأمر ؛ قلنا
: هذا / قياس / [٥] فاسد ؛ لأنّ فعل النّهي في أوّله حرف المضارعة الذي
أوجب المشابهة بالاسم ، فاستحقّ الإعراب ، فكان معربا ، وأمّا فعل الأمر ، فليس في
أوّله حرف المضارعة الذي يوجب للفعل المشابهة بالاسم ، فيستحقّ الإعراب ؛ فكان
باقيا على أصله. وقولهم : إنّه بحذف الواو والياء والألف ؛ نحو : اغز ، ارم ، اخش»
كما تقول : «لم يغز لم يرم ، لم يخش» ، فنقول : إنّما حذفت هذه الأحرف للبناء ، لا
للإعراب ، حملا للفعل المعتلّ على الفعل الصّحيح ؛ حملا للفرع على الأصل ، والذي
يدلّ على ... [٦] صحّة ما ذكرناه أنّ حروف الجرّ لا تعمل / مع الحذف / [٧] ؛ فحروف الجزم أولى ، وأمّا البيت الذي أنشدوه ؛ (وهو
قوله) [٨] :
محمد تفد نفسك كلّ نفس
فقد أنكره أبو
العبّاس المبرّد ، ولو سلّمنا صحّته ؛ فنقول : قوله : «تفد نفسك / كلّ نفس / [٩]» لم تحذف الياء للجزم بلام مقدّرة ، وإنّما حذفت الياء
للضّرورة ، اجتزاء بالكسرة عن الياء ، وهو في كلامهم أكثر من أن يحصى ، وإن سلّمنا
أنّ الأصل : «لتفد» وأنّه مجزوم بلام مقدّرة ، إلّا [١٠] أنّا نقول : إنّما حذفت اللّام لضرورة الشّعر ، وما حذف
للضّرورة ، لا يجوز أن يجعل [١١] أصلا