اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 226
الباب التّاسع والأربعون
باب إعراب الأفعال وبنائها
[علّة كون الأفعال ثلاثة]
إن قال قائل :
لم كانت الأفعال ثلاثة : «ماض ، وحاضر ومستقبل»؟ قيل : لأنّ الأزمنة ثلاثة ، ولمّا
كانت ثلاثة ، وجب أن تكون [١] الأفعال ثلاثة : ماض ، وحاضر ، ومستقبل.
[علّة بناء الفعل الماضي على الفتح]
فإن قيل : فلم
بني الفعل الماضي على حركة ، ولم كانت الحركة فتحة؟ قيل : إنّما بني الفعل أوّلا ؛
لأنّ الأصل في الأفعال البناء ، وبني على حركة ، تفضيلا له على فعل الأمر ؛ لأنّ
الفعل الماضي أشبه الأسماء في الصّيغة [٢] ؛ نحو قولك : مررت برجل ضرب ، كما تقول : مررت برجل
ضارب ؛ وأشبه [٣] ـ أيضا ـ ما أشبه الأسماء في الشّرط والجزاء ؛ فإنّك
تقول : إن فعلت فعلت ؛ والمعنى فيه : إن تفعل أفعل ؛ فلمّا قام الماضي مقام
المستقبل ؛ والمستقبل قد أشبه الأسماء ؛ وجب أن يبنى على حركة ، تفضيلا له على فعل
الأمر الذي ما أشبه الأسماء ، ولا أشبه ما أشبهها. وإنّما كانت الحركة فتحة لوجهين
:
أحدهما : أنّ
الفتحة أخفّ الحركات ، فلمّا وجب بناؤه على حركة ؛ وجب أن يبنى على أخفّ الحركات.
والوجه الثّاني
: أنّه لا يخلو إمّا أن يبنى على الكسر ، أو على الضّمّ ، أو على الفتح ؛ فبطل [٤] أن يبنى على الكسر ؛ لأنّ الكسر ثقيل ، والفعل ثقيل ،
والثّقيل لا ينبغي أن يبنى على ثقيل ، وإذا كان الجرّ لا يدخله ، وهو غير لازم
لثقله ، فألّا يدخله الكسر الذي هو لازم ، كان ذلك من طريق الأولى ؛ وإذا بطل