اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 200
الباب الأربعون باب
مذ ومنذ
[الأغلب على «مذ» الاسميّة وعلى «منذ» الحرفيّة]
إن قال قائل :
لم قلتم : إنّ الأغلب على «مذ» الاسميّة ، وعلى «منذ» الحرفيّة ، وكلّ واحد منهما
يكون اسما ، و/ يكون / [١] حرفا جارّا؟ قيل : إنّما قلنا : إنّ الأغلب على «مذ»
الاسميّة ، (وعلى «منذ» الحرفيّة) [٢] ؛ لأنّ «مذ» دخلها الحذف ، والأصل فيها «منذ» فحذفت
النّون منها ، والحذف إنّما يكون في الأسماء ؛ والدّليل على أنّ الأصل في مذ : «منذ»
أنّك لو صغّرتها ، أو كسّرتها ؛ لرددت النّون إليها ؛ فقلت في تصغيرها : «منيذ»
وفي تكسيرها : «أمناذ» ؛ لأنّ التّصغير والتّكسير يردّان الأشياء إلى أصولها ؛
فدلّ على أنّ الأصل في مذ : منذ.
[علّة ارتفاع الاسم بعد مذ ومنذ]
فإن قيل : فلم (إذا
كانا اسمين) [٣] ، كان الاسم بعدهما مرفوعا ؛ نحو : «ما رأيته مذ يومان
ومنذ ليلتان» قيل : إنّما كان الاسم بعدهما مرفوعا إذا كانا اسمين ؛ لأنّه خبر
المبتدأ ؛ لأنّ «مذ ، ومنذ» هما المبتدأ [٤] ، وما بعدهما هو الخبر ؛ والتّقدير في قولك : ما رأيته
مذ يومان ومنذ ليلتان : أمد ذلك يومان ، وأمد ذلك ليلتان.
[علّة بناء مذ ومنذ]
فإن قيل : فلم [٥] بنيت «مذ ، ومنذ»؟ قيل : لأنّهما إذا كانا حرفين بنيا ؛
لأنّ الحروف كلّها مبنيّة ، وإذا كانا اسمين بنيا ؛ لتضمّنهما معنى الحرف ؛ لأنّك