فجمع بين «الميم»
و «يا» ، ولو كانت عوضا عنها ، لم يجمع بينهما ؛ لأنّ العوض والمعوّض لا يجتمعان.
والصّحيح : ما ذهب إليه البصريّون ، وأمّا قول الكوفيّين : إنّ أصله «يا الله
أمّنا بخير» فهو فاسد ؛ لأنّه لو كان الأمر على ما / ذكروا / [٢] وذهبوا إليه ، لما جاز أن يستعمل هذا اللّفظ إلّا في ما
يؤدّي إلى [٣] هذا المعنى ، ولا شكّ أنّه يجوز أن يقال : «اللهمّ
العنه ، اللهمّ أخزه» وما أشبه ذلك ؛ قال الله تعالى : (وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا
هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ
ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ)[٤] ، ولو كان الأمر على ما ذهبوا إليه ؛ لكان التّقدير فيه
«أمّنا بخير إن كان هذا هو الحقّ من عندك ، فأمطر علينا حجارة من السّماء ، أو
ائتنا بعذاب أليم» ولا شكّ أنّ هذا التّقدير ظاهر الفساد ، إذ لا يكون أمّهم
بالخير أن يمطر عليهم حجارة من السّماء ، أو يؤتوا بعذاب أليم ؛ وقولهم : إنّه
يجوز أن يجمع بين «الميم» و «يا» بدليل ما أنشدوه ، فلا حجّة فيه ؛ لأنّه إنّما
جمع بينهما لضرورة الشّعر ، ولم يقع الكلام في حال الضّرورة ، وإنّما سهّل الجمع
بينهما للضّرورة ، أنّ العوض في آخر الكلمة ، والجمع بين العوض والمعوّض جائز في
ضرورة الشّعر ؛ / كما / [٥] قال الشّاعر [٦] : [الطّويل]