responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 76

تعالى ذلك على لسان نبيه إبراهيم (عليه السلام). قال الزركشي: و فيه جمع بني الأحاديث.

قلت: الأحكام قديمة؛ لأنها خطاباته تعالى، و الحادث إنما هو تعلقاتها بالمكلفين، فإذا كان ظهور تحريمها على لسان إبراهيم (عليه السلام) فذلك أول تعلق الحكم التكليفي، فما معنى ما يقوله الثاني من تحريمها يوم خلق الله السموات و الأرض مع انتفاء التعلق التكليفي حينئذ؟ و يجوز أن يكون بمعنى أن الله تعالى أظهر ذلك لملائكته يوم خلق السموات و الأرض و عرفهم به، و تأخر تعلق التكليف به حتى ظهر على لسان نبيه إبراهيم (عليه السلام) و هذا لا يأباه القول الأول، بل يسلمه، و هو حسن، و به يجتمع معنى الأحاديث، و لا يخفى أن خطاب الله تعالى بتحريم المدينة قديم أيضا، و تأخره من حيث التكليف إلى أن أظهره النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) ليس فيه حط لرتبتها، بل دليل كمالها حيث ادخر الله ذلك حتى جعله على لسان أشرف المرسلين صلوات الله و سلامه عليه، مع أنهم ذكروا في معنى تحريم إبراهيم لها احتمالين: أحدهما: أنه بأمر الله تعالى له، و الثاني: أنه دعا لها فحرمها الله بدعوته، و يقال مثله في تحريمه (صلّى اللّه عليه و سلم) للمدينة.

و قوله: «ما بين لابتيها» أي: حرّتيها الشرقية و الغربية و المدينة بينهما، و لها أيضا حرة بالقبلة و حرة بالشام، لكنهما يرجعان إلى الشرقية و الغربية لاتصالهما بهما، و لهذا جمعها (صلّى اللّه عليه و سلم) كلها في اللابتين كما نبه عليه الطبري.

قال النووي: و هو حد الحرم من جهة المشرق و المغرب، و ما بين جبليها بيان لحده من جهة الجنوب و الشمال، قال: و معنى قوله «ما بين لابتيها» اللابتان و ما بينهما، و المراد تحريم المدينة و لابتيها.

قلت: و يؤيده أن اللابتين شرقا و غربا في محاذاة أحد الجبلين الآتي بيانهما، و أن منازل بني حارثة في محاذاة اللابة الغربية على ما اقتضاه كلاه المطري فيما قدمناه عنه من الباب الأول في ترجمة أثرب، و الذي ترجح عندي أن منازلهم كانت باللابة الشرقية مما يلي العريض و ما قارب ذلك؛ لأن الإسماعيلي روى الحديث المتقدم بلفظ: «ثم جاء بني حارثة و هم في سند الحرة» أي: الجانب المرتفع منها، و سيأتي في منازلهم ما يبين أن المراد الحرة الشرقية، و ليس الموضع الذي ذكره المطري في سند واحدة من الحرتين، و الله أعلم. و يؤيد أيضا ما قاله النووي أن البيهقي روى في المعرفة حديث الصحيفة عن علي بلفظ: «إن إبراهيم حرم مكة، و إني أحرم المدينة ما بين حرتيها و جمامها: لا يختلى خلاها، و لا ينفر صيدها، و لا يلتقط لقطتها إلا لمن أشاد بها» يعني: أنشد «و لا

اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست