responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 149

و نقل رزين عن الشرقي أن أبا جبيلة لما فرغ من نصر أهل المدينة رجع إلى الشام؛ فأقبل تبع الأخير- و هو كرب بن حسان بن أسعد الحميري، و التبابعة كلهم من حمير- يريد المشرق كما كانت التبابعة تفعل؛ فمر بالمدينة، فخلف فيها ابنا له و مضى حتى قدم الشام، ثم سار حتى قدم العراق، فلما كان بالعراق قتل ابنه بالمدينة غيلة [1] فأقبل راجعا يريد تخريب المدينة، فنزل بسفح أحد، فاحتفر بئرا ثم أرسل إلى أشراف المدينة، فلما جاءهم الرسول قال بعضهم: إنما أراد أن يملكنا على قومنا، و قال أحيحة: و الله ما دعاكم لخير، و كان لأحيحة رئيّ من الجن فخرجوا و خرج أحيحة معه بقينة و خمر و خباء، فضرب الخباء و جعل فيه القينة و الخمر، ثم دخل على تبع أول الناس. فتحدث معه، ففطن بالشر، ثم قال: إن أصحابي يصلونك إلى الظهر، فاستأذن في الخروج إلى الخيمة، فأذن له، فشرب و جعلت القينة تغنيه بأبيات صنعها لها تقول:

لتبكني قينة و مزهرها * * * و تبكني قهوة و شاربها

و تبكني عصبة إذا اجتمعت‌ * * * لا يعلم الناس ما عواقبها

و هو يقلّ من الشراب، و جاء أصحابه قريبا من الليل، فأمر لهم تبع بضيافة، فلما كان في جوف الليل أرسل إليهم ليقتلهم، ففطن أحيحة، فقال للقينة: أنا سائر إلى أهلي، فإذا طلبني الملك فقولي: هو نائم، فإذا ألحوا فقولي: يقول لك: أما أحيحة فقد ذهب فاغدر بقينته أو دع، و انطلق فتحصن في حصنه، فحاصروه ثلاثا يقاتلهم بالنهار، و إذا كان بالليل يرمي إليهم بتمر و يقول: هذا ضيافتكم. فأخبروا تبعا أنه في حصن حصين، فأمرهم أن يحرقوا نخله، و اشتعلت الحرب بين تبع و أهل المدينة من اليهود و الأوس و الخزرج، و تحصنوا في الآطام، فخرج رجل من أصحاب تبع حتى جاء بني عدي بن النجار، فدخل لهم حديقة، فرقي على عذق منها. فأخذ يجده‌ [2]، فنزل إليه صاحب العذق‌ [3] فقتله و جره إلى بئر و ألقاه فيها، و هو يقول:

جانا يجدّ نخيلنا * * * و كان الجداد لمن قد أبر [4]

فزاد ذلك تبعا حنقا [5]، و جرد إلى بني النجار خيلا، فقاتلهم بنو النجار و رئيسهم يومئذ عمرو بن طلحة أخو بني معاوية بن مالك بن النجار، و رمى عسكر تبع حصون‌


[1] الغيلة: الغدر.

[2] جدّ الشي‌ء: قطعه.

[3] العذق: كل غصن له شعب.

[4] أبّر النخل: أصلحه.

[5] حنق عليه: اشتد غيظه.

اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست