اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم الجزء : 1 صفحة : 144
جبيلة، و كان نزلها حين نزلوا هم المدينة، فجيّش جيشا عظيما، و أقبل كأنه يريد اليمن و اختفى معهم مالك بن العجلان، فجاء فنزل بذي حرض، و أرسل إلى أهل المدينة من الأوس و الخزرج فأتوا إليه فوصلهم و أعطاهم، ثم أرسل إلى بني إسرائيل- يعني اليهود- و قال: من أراد الحباء [1] من الملك فليخرج إليه، و إنما فعل ذلك خيفة أن يتحصنوا في الحصون فلا يقدر عليهم، فخرج إليه أشراف بني إسرائيل كلهم، فأمر لهم بطعام حتى اجتمعوا، فقتلهم من عند آخرهم، فلما فعل ذلك صار الأوس و الخزرج أعز أهل المدينة؛ ففي ذلك يقول البلوي يمدح مالكا فيما فعل:
فليشهدنّ بما أقول عصابة * * * بلويّة و عصابة من سالم
هل كان للفطيون عقر نساكم * * * حكم النصيب و ليس حكم الحاكم
حتى حباه مالك عن عرسه * * * حمراء تضحك عن نجيع قاتم
ثم ذكر أبياتا نسبها إلى أبي يزيد بن سالم أحد بني سالم بن عوف بن الخزرج مدح بها أبا جبيلة و نسبها ابن زبالة للرمق فإنه قال: إن الأوس و الخزرج قالوا لأبي جبيلة لما قدم لنصرهم: إن علم القوم ما تريد تحصنوا في آطامهم فلم تقدر عليهم، و لكن ادعهم للقائك و تلطفهم حتى يأمنوك و يطمئنوا فتستمكن منهم، فصنع لهم طعاما و أرسل إلى وجوههم و رؤسائهم، فلم يبق من وجوههم أحد إلا أتاه، و جعل الرجل منهم يأتي بحامته و حشمه [2] رجاء أن يحبوهم، و كان قد بنى لهم حيّزا و جعل فيه قوما فأمرهم أن يقتلوا من دخل عليهم منهم، ففعلوا حتى أتوا على وجوههم و رؤسائهم، فعزت الأوس و الخزرج بالمدينة، و اتخذوا الديار و الأموال و الآطام، فقال الرمق يثني على أبي جبيلة:
لم تقض دينك من حسان * * * و قد عنيت و قد عنينا
قضيت همك في الحسان * * * فقد عنيت و قد عنينا
و في رواية رزين:
الراشقات المرشقا * * * ت الجازيات بما جزينا
أمثال غزلان الصّرا * * * ثم يأتزرن و يرتدينا
الرّيط و الدّيباج و الحلي * * * المفصل و البرينا [3]