اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم الجزء : 1 صفحة : 124
حتى دخل معها الشعب، فأبطأ عليهم، فقال بعضهم: لو كان حيّا لخرج إليكم، فقالوا:
إنه قد نهاها أن ندعوه باسمه، قال: ادعوه باسمه، فو الله لو كان حيّا لخرج إليكم بعد، فدعوه باسمه، فخرج و هو آخذ برأسه؛ فقال: أ لم أنهكم أن تدعوني باسمي؟ قد و الله قتلتموني، احملوني و ادفنوني، فإذا مرت بكم حمر معها حمار أبتر، و في رواية فإذا دفنتموني و أتى عليّ ثلاثة أيام فأتوا قبري، فإذا عرضت لكم عانة [1] من حمر وحش و بين يديها عير فانبشوني فإني أقوم فأخبركم ما هو كائن إلى يوم القيامة، فأتوا القبر بعد ثلاث و سنحت لهم الحمر، فأرادوا نبشه، فمنعهم قوم من أهل بيته، و قالوا: لا ندعكم تنبشون صاحبنا فنعير بذلك، و في رواية: فيكون سبة علينا، فتركوه.
و في رواية لابن القعقاع بن خليد العبسي عن أبيه عن جده، قال: بعث الله خالد بن سنان نبيا إلى بني عبس، فدعاهم فكذبوه، فقال قيس بن زهير: إن دعوت فأسيل علينا هذه الحرة نارا اتبعناك؛ فإنك تخوفنا بالنار، و إن لم تسل نارا كذبناك، قال: فذلك بيني و بينكم؟
قالوا: نعم، قال: فتوضأ ثم قال: اللهم إن قومي كذّبوني و لم يؤمنوا برسالتي إلا أن تسيل عليهم هذه الحرة نارا، فأسلها عليهم نارا، قال: فطلع مثل رأس الحريش [2]، ثم عظمت حتى عرضت أكثر من ميل، فسالت عليهم، فقالوا: يا خالد ارددها فإنا مؤمنون بك، فتناول عصا ثم استقبلها بعد ثلاث ليال فدخل فيها فضربها بالعصا، فلم يزل يضربها حتى رجعت، قال: فرأيتنا نعشى الإبل على ضوء نارها ضلعا الربذة و بين ذلك ثلاث ليال.
قف على كرامة لتميم الداري
و روى له ابن شبة أخبارا أخرى مع قومه، و روى البيهقي في دلائل النبوة في باب «ما جاء في الكرامة التي ظهرت على تميم الداري شرفا للمصطفى (صلّى اللّه عليه و سلم) و تنويها باسم من آمن به، عن معاوية بن حرمل، و ذكر خبرا في قدومه المدينة، و قول عمر له: اذهب إلى خير المؤمنين فانزل عليه، ثم قال: فبينا نحن ذات يوم إذ خرجت نار بالحرة، فجاء عمر (رضي الله عنه) إلى تميم الداري (رضي الله عنه)، فقال: قم إلى هذه النار، فقال: يا أمير المؤمنين و من أنا؟ قال: فلم يزل به حتى قام معه، قال: و تبعتهما فانطلقا إلى النار، فجعل تميم يحوشها [3] بيده حتى دخلت الشعب، و دخل تميم خلفها، فجعل عمر يقول: ليس من رأى كمن لم ير، قالها ثلاثا، و الله أعلم.