responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 123

العرم؛ فلا تمر بشي‌ء إلا أحرقته، حتى تنتهي إلى البحر فتركب ثبجه‌ [1] طائرة على صفحته حتى تغوص فيه.

شأن خالد بن سنان العبسي‌

قلت: و أقرب من ذلك في مناسبة هذه النار ما ذكره ابن شبة في أخبار المدينة- عند ذكر خالد بن سنان العبسي الذي قال النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) لما جاءته بنته «هذه ابنة نبي ضيعه قومه»- فروى ابن شبة في خبره من طرق ما ملخصه أنه كان بأرض الحجاز نار يقال لها نار الحدثان (حرة بأرض بني عبس) تعشى الإبل‌ [2] بضوئها من مسيرة ثماني ليال، و ربما خرج منها العنق فذهب في الأرض فلا يبقي شيئا إلا أكله، ثم يرجع حتى يعود إلى مكانه، و إن الله تعالى أرسل إليها خالد بن سنان، فقال لقومه: يا قوم، إن الله أمرني أن أطفئ هذه النار التي قد أضرت بكم فليقم معي من كل بطن رجل، فخرج بهم حتى انتهى إلى النار فخط عليهم خطا ثم قال: إياكم أن يخرج أحد منكم من هذا الخط فيحترق، و لا ينوهن باسمي فأهلك، و جعل يضرب النار و يقول: بدا بدا [3] كل هدي لله مودا، حتى عادت من حيث جاءت، و خرج يتبعها حتى ألجأها في بئر في وسط الحرة منها تخرج النار، فانحدر فيها خالد. و في درة الغواص: فإذا هو بكلاب تحتها فرضهن بالحجارة، و ضرب النار حتى أطفأها الله على يده، و معهم ابن عم له، فجعل يقول: هلك خالد، فخرج و عليه بردان ينطفان‌ [4] من العرق و هو يقول: كذب ابن رايعة المعزى لأخرجنّ منها و ثيابي تندى، فسموا بني ذلك الرجل «بني راعية المعزى» إلى اليوم، و في رواية أن قومه سالت عليهم نار من حرة النار في ناحية خبير، و الناس في وسطها، و هي تأتي من ناحيتين جميعا، فخافها الناس خوفا شديدا. و في رواية: و هي تخرج من شق جبل من حرة يقال لها حرة أشجع، فقال لهم خالد بن سنان: ابعثوا معي إنسانا حتى أطفئها من أصلها، فخرج معه راعي غنم، و هو ابن راعية، حتى جاء غارا تخرج منه النار. و في رواية: أنها كانت تخرج من بئر، ثم قال خالد للراعي: أمسك ثوبي، ثم دخل في الغار، و في رواية:

أنه انطلق في ناس من قومه حتى أتوها، و قال لهم: إن أبطأت عنكم فلا تدعوني باسمي، فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا، فاستقبلها خالد فجعل يضربها بعصاه و يقول:

هديا هديا، كل نهب مودى، زعم ابن راعية المعزى، أني لا أخرج منها و ثيابي تندى،


[1] ثبج البحر: وسطه (ج) أثباج و ثبوج.

[2] عشا بصره: ساء بصره ليلا.

[3] بدا بدا: تبدّدي و تفرّقي.

[4] نطف- نطفانا: جهد حتى نطف عرقه.

اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 123
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست