responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 100

العصر الأول، و إنه من المعجزات، فقد تركت المدينة على أحسن ما كانت حين انتقلت الخلافة إلى الشام و العراق، و ذلك أحسن ما كانت من حيث الدين و الدنيا: أما الدين فلكثرة العلماء بها، و أما الدنيا فلعمارتها و اتساع حال أهلها، قال: و ذكر الأخباريون في بعض الفتن التي جرت بالمدينة و خاف أهلها أنه رحل عنها أكثر الناس، و بقيت ثمارها للعوافي‌ [1]، و خلت مدة، ثم تراجع الناس إليها.

و حكى البدر ابن فرحون في شرح الموطأ، و من خطه نقلت، عن القاضي أيضا أنه قال: و قد حكى قوم كثيرون أنهم رأوا ما أنذر به النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) من تغذية الكلاب على سواري مسجدها، انتهى.

و قال النووي: الظاهر المختار أن الترك للمدينة يكون آخر الزمان عند قيام الساعة، و يوضحه قصة الراعيين من مزينة، فإنهما يخران على وجوههما حين تدركهما الساعة، و لفظ مسلم واضح في ذلك؛ فإنه قال «ثم يحشر راعيان» و يؤيده كونها آخر قرى الإسلام خرابا.

قلت: و يؤيده رواية ابن شبة المتقدمة «ليدعنها مذللة أربعين عاما للعوافي» و هذا لم يقع اتفاقا، على أنه ورد ما يقتضي أن الترك للمدينة يكون متعددا، فلعل ما ذكره القاضي هو المرة الأولى، و بقي الترك الذي يكون آخر الزمان؛ لأن ابن شبة روى حديث «ليخرجن أهل المدينة من المدينة، ثم ليعودن إليها، ثم ليخرجن منها، ثم لا يعودون إليهما، و ليدعنها و هي خير ما يكون مونعة [2]».

و روي أيضا عن عمر مرفوعا «يخرج أهل المدينة منها ثم يعودون إلها فيعمرونها حتى تمتلئ و تبني، ثم يخرجون منها فلا يعودون إليها أبدا».

و روى ابن شبة عن أبي هريرة قال: «آخر من يحشر رجلان رجل من جهينة و آخر من مزينة فيقولان: أين الناس؟ فيأتيان المدينة فلا يريان إلا الثعلب، فينزل إليهما ملكان فيسحبانهما على وجوههما حتى يلحقاهما بالناس».

و روي أيضا عن حذيفة بن أسيد قال: «آخر الناس محضرا رجلان من مزينة يفقدان الناس، فيقول أحدهما لصاحبه: قد فقدنا الناس منذ حين، انطلق بنا إلى شخص من بني فلان، فينطلقان فلا يجدان بها أحدا، ثم يقول: انطلق بنا إلى المدينة، فينطلقان فلا يجدان بها أحدا، ثم يقول: انطلق بنا إلى منزل قريش ببقيع الغرقد، فينطلقان فلا يريان إلا السباع و الثعالب، فيوجهان نحو البيت الحرام».


[1] العواف: ما يظفر به الإنسان و الحيوان ليلا من صيد و نحوه.

[2] المونعة: الثمرة الناضجة.

اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 100
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست