و الأمتعة و التمور، فإن فيها من أنواع التمور و القسوب ما قد عدم مثله بالبصرة و الأهواز و بغداد و الحجاز.
فمن تمورهم الهيرون و النرسيان و القسب العنبري و الآزاذ و غير ذلك.
ثم قل في عجائب بغداد التي قد اجتمع فيها ما هو مفرّق في جميع أقاليم الأرض من أنواع [131 أ] التجارات و الصناعات. فلهم الذي لا يشركهم فيه أحد:
الثياب المروية و الملحم و القيراطي و غير ذلك. و لهم أنواع الزجاج المحكم من الأقداح و الأقحاف المخروطة و المجرودة التي تختار على البلور لرقتها و صفاء جوهرها. و لهم الدارشي و اللكاء [1] و فيهما أعجوبة لا يوقف عليهما و لا يدرى ما العلة فيها. و ذلك أن اللكاء إن عمل في الجانب الذي يعمل فيه الدارشي لم يستو بنفسه و لا يكون منه شيء. و كذلك الدارشي أيضا إن عمل في الجانب الذي يعمل فيه اللكاء انفسد. و قد عمل ذلك غير مرة فكان كما قلنا في الفساد.
و مثل هذه أشياء كثيرة منها القراطيس التي تعمل بمصر فإنها لا تستوي إلّا بمصر دون غيرها من سائر البلدان. و قد نقل صنّاعها المعتصم من مصر إلى سرمرّى، فما استوى لهم منها إلّا شيء رديء و لا يحرّر المكاتبة فيه.
و كذلك أيضا البطيخ الناعوري، فإنه لا يكون جيدا إلّا في ضيعة من ضياع الموصل تعرف بالناعور. و قد حرص المعتضد على أن يستوي ببغداد و حمل مع بذره ترابا من تربته و ماء من العين التي تسقيه فلم يفلح. فسأل عن العلة في ذلك، فقيل: التربة. قال: قد حملنا منها. قيل: فالماء. قال: قد أمرنا بحمله في السفن المقيّرة فحمل و لم ينجب. قيل: فهو الموضع. قال: هذا لا حيلة لنا فيه.
ثم ما قد خصت به كور دجلة و السواد و ميسان و دستميسان من عمل الستور و البسط.
و قد خصت البصرة من بين البلدان بكثرة النخيل و أنواع الأرطاب و التمور.