أقول لها و نحن على صلاء* * * أما للنار عندك حرّ نار
لئن خيّرت في البلدان يوما* * * فما همذان عندي بالخيار
ثم التفت إلى ابن أبي سرح و قال: يا أبا عبد اللّه! و هذا والدك يقول:
النار في همذان يبرد حرّها* * * و البرد في همذان داء مسقم
و الفقر يكتم في بلاد غيرها* * * و الفقر في همذان ما لا يكتم
قد قال كسرى حين أبصر تلّكم* * * همذان، فانصرفوا فتلك جهنّم
و الدليل على هذا أن الأكاسرة كانت لا تدخل همذان، لأن بناءهم متصل من المدائن إلى أزرميدخت من أسدآباد و لم يجوزوا عقبة أسدآباد.
و بلغنا أن كسرى أبرويز همّ بدخول همذان. فلما بلغ موضعا يقال له دوزخ دره و معناه بالعربية باب جهنم أو كهف جهنم، قال لبعض وزرائه: ما يسمى هذا المكان؟ فعرّفه. فقال: انصرفوا. لا حاجة لنا في دخول مدينة فيها ذكر جهنم.
و قال شاعركم و هو وهب بن شاذان الهمذاني:
أما آن من همذان الرحيل* * * من البلدة الحزنة الجامدة
فما في البلاد و لا أهلها* * * من الخير من خصلة واحدة
يشيب الشباب و لم يهرموا* * * بها من ضبابتها الراكدة
سألتهم أين أقصى الشتاء* * * و مستقبل السنة الواردة
فقالوا إلى الجمرة المنتهى* * * فقد سقطت جمرة جامدة