responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البلدان لابن الفقيه المؤلف : ابن الفقيه، أحمد بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 476

سلّط اللّه عليها الزمهرير الذي يعذب به أهل جهنم، مع ما يحتاج الإنسان منها إليه من الدثار و المؤن المجحفة.

فوجوهكم يا أهل همذان متشققة، و أنوفكم سائلة، و أطرافكم خضرة، و ثيابكم متّسخة و روائحكم قذرة، و لحاكم دخانية [1]، و سبلكم منقطعة، و الفقر عليكم ظاهر و المستور في بلدكم مهتوك. لأن شتاءكم يهدم الحيطان و يبرز الحصان و يفسد الطرق و يشعث الآطام. فطرقكم و حلة تتهافت فيها الدواب، و تقذر فيها الثياب و تتحطم الإبل و تنخسف فيها الآبار و تغيض المياه، و تكف السطوح و تهيج الرياح العواصف، و تكون فيها الزلازل و الخسوف و الرعود و البروق و الثلوج و الدمق. فتنقطع عند ذلك السبل و يكثر الموت و تضيق المعايش. فالناس في جبلكم هذا سائر أيام الشتاء يتوقعون العذاب و يخافون السخطة و العقاب، ثم يسمونه العدو المحاصر و الكلب الكلب. و لذلك كتب عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه إلى بعض عمّاله: إنه قد أظلكم الشتاء و هو العدو المحاصر، فاستعدوا له الفراء و استنعلوا الحذاء. و قد قال الشاعر:

إذا جاء الشتاء فأدفئوني‌* * * فإن الشيخ يهدمه الشتاء

فالشتاء يهدم الحيطان، فكيف الأبدان، لا سيما شتاؤكم الملعون؟

ثم فيكم أخلاق الفرس و جفاء العلوج و بخل أهل أصفهان و وقاحة أهل الري و فدامة أهل نهاوند و غلظ طبع أهل همذان. على أن بلدكم هذا أشدّ البلدان بردا و أكثرها ثلجا و أضيقها طرقا و أوعرها مسلكا و أفقرها أهلا.

و كان يقال: إن أبرد البلدان ثلاثة: برذعة و قاليقلا و خوارزم. و هذا قول من لم يدخل بلدكم و لم يشاهد شتاءكم. و قد حدثني أبو جعفر محمد بن إسحاق المكتّب قال: لما قدم عبد اللّه بن المبارك همذان، أوقدت بين يديه، فكان إذا سخن باطن كفّه أصاب ظاهرها البرد. و إذا سخن ظاهرها أصاب باطنها البرد، فقال:


[1] تأتي بعد هذا في آثار البلاد 484: و ألوانهم باذنجانية.

اسم الکتاب : البلدان لابن الفقيه المؤلف : ابن الفقيه، أحمد بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 476
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست