اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 4 صفحة : 634
ذكره الذّهبيّ «في التّجريد»، مستدركا على من قبله، فقال: عيسى ابن مريم رسول اللَّه، رأى النبيّ (صلى اللَّه عليه و سلّم) ليلة الإسراء، و سلم عليه، فهو نبيّ و صحابيّ، و هو آخر من يموت من الصحابة، و ألغزه القاضي تاج الدين السبكي في قصيدته في آخر القواعد له، فقال:
من باتّفاق جميع الخلق أفضل من* * * خير الصّحاب أبي بكر و من عمر
و من عليّ و من عثمان و هو فتى* * * من أمّة المصطفى المختار من مضر
و أنكر مغلطاي على من ذكر خالد بن سنان في الصحابة كأبي موسى، و قال: إن كان ذكره لكونه ذكر النبيّ (صلى اللَّه عليه و سلّم)، فكان ينبغي له أن يذكر عيسى و غيره من الأنبياء، أو من ذكره هو من الأنبياء غيرهم. و من المعلوم أنهم لا يذكرون في الصحابة. انتهى.
و يتّجه ذكر عيسى خاصة لأمور اقتضت ذلك.
أولها- أنه رفع حيّا، و هو على أحد القولين.
الثاني- أنه اجتمع بالنبيّ (صلى اللَّه عليه و سلّم) ببيت المقدس على قول، و لا يكفي اجتماعه به في السماء لأن حكمه من حكم الظاهر.
الثالث- أنه ينزل إلى الأرض، كما سيأتي بيانه بيانه، فيقتل الدجال، و يحكم بشريعة محمد (صلى اللَّه عليه و سلّم)، فبهذه الثلاث يدخل في تعريف الصحابي، و هو الّذي عوّل عليه الذهبي.
و قد رأيت أن أذكر له ترجمة مختصرة: ساق ابن إسحاق في كتاب المبتدإ نسب مريم إلى داود (عليه السلام)، فكان بينها و بينه ستة و عشرون أبا، و كانت أمّ مريم لا تحمل، فرأت طيرا يزق فرخا، فاشتهت الولد، فاتفق أن حملت، فنذرت إن تمّ حملها، و وضعت، أن تجعل حملها خادما لبيت المقدس، و كانوا يفعلون ذلك، الربيع بن أنس عن أبي العالية، عن أبي بن كعب في قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [الأعراف 172]، قال:
جمعهم، فجعلهم أرواحا. ثم صوّرهم، ثم استنطقهم، فتكلموا، فأخذ عليهم العهد و الميثاق أن لا إله غيره، و أنّ روح عيسى كانت في تلك الأرواح، فأرسل إلى مريم ذلك الروح، فسئل مقاتل بن حيان: أين دخل ذلك الروح؟ فذكره عن أبي العالية، عن أبيّ أنه دخل من فيها. أخرجه أبو جعفر الفريابي في كتاب القدر، و عبد اللَّه بن أحمد في زيادات كتاب الزّهد، و سنده قوي.
و ثبت في الصحيحين من طريق الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم): «ما من وليد[1]إلّا و يمسّه الشّيطان حين يولد فيستهلّ صارخا إلّا مريم و ابنها».