اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 4 صفحة : 539
عيشا أم هم؟ قال: هم. قلت: فما ينفعنا فضلنا عليهم إن لم يكن لنا فضل إلا في الدنيا، و هم أعظم منا فيها أمرا في كل شيء.
و قد وقع في نفسي أن الّذي يقوله محمد من أنّ البعث بعد الموت ليجزي المحسن بإحسانه و المسيء بإساءته حقّ، و لا خير في التمادي في الباطل.
و أخرج البغويّ بسند جيد، عن عمر [1] بن إسحاق أحد التابعين، قال: استأذن جعفر بن أبي طالب رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) في التوجه إلى الحبشة، فأذن له، قال عمير: فحدثني عمرو بن العاص، قال: لما رأيت مكانه قلت: و اللَّه لأستقلنّ لهذا و لأصحابه، فذكر قصتهم مع النجاشي، قال: فلقيت جعفرا خاليا فأسلمت. قال: و بلغ ذلك أصحابي فغنموني و سلبوني كلّ شيء، فذهبت إلى جعفر، فذهب معي إلى النجاشي فردّوا عليّ كلّ شيء أخذوه.
و لما أسلم كان النبيّ (صلى اللَّه عليه و سلّم) يقرّبه و يدنيه لمعرفته و شجاعته، و ولّاه غزاة ذات السلاسل، و أمدّه بأبي بكر و عمر و أبي عبيدة بن الجراح، ثم استعمله على عمان، فمات و هو أميرها، ثم كان من أمراء الأجناد في الجهاد بالشام في زمن عمر، و هو الّذي افتتح قنّسرين، و صالح أهل حلب و منبج و أنطاكية، و ولّاه عمر فلسطين.
أخرج ابن أبي خيثمة من طريق الليث، قال: نظر عمر إلى عمرو يمشي، فقال: ما ينبغي لأبي عبد اللَّه أن يمشي على الأرض إلا أميرا.
و قال إبراهيم بن مهاجر، عن الشعبيّ، عن قبيصة بن جابر: صحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلا [أبين قرآنا] [2]، و لا أكرم خلقا، و لا أشبه سريرة بعلانية منه.
و قال محمّد بن سلّام الجمحيّ: كان عمر إذا رأى الرجل يتلجلج في كلامه يقول:
أشهد أنّ خالق هذا و خالق عمرو بن العاص واحد، و كان الشعبي يقول: دهاة العرب في الإسلام أربعة، فعدّ منهم عمرا، و قال: فأما عمرو فللمعضلات.
و قد روى عمرو عن النبيّ (صلى اللَّه عليه و سلّم) أحاديث.
روى عنه ولداه: عبد اللَّه، و محمد، و قيس بن أبي حازم، و أبو سلمة بن عبد الرحمن، و أبو قيس مولى عمرو، و عبد الرحمن بن شماسة، و أبو عثمان النهدي، و قبيصة بن ذؤيب، و آخرون.