اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 4 صفحة : 501
عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة- أنه كان يقول: حدثوني عن رجل دخل الجنة و لم يصلّ صلاة قط، فإذا لم يعرفه الناس يسألونه[1]من هو؟ فيقول: هو أصيرم بني عبد الأشهل: عمرو بن ثابت بن أقيش، قال الحصين: فقلت لمحمود- يعني ابن لبيد: كيف كان شأن الأصيرم؟ قال: كان يأبى الإسلام على قومه، فلما كان يوم أحد و خرج رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) بدا له الإسلام فأسلم، ثم أخذ سيفه حتى أتى القوم، فدخل في عرض الناس، فقاتل حتى أثبتته الجراحة، فبينما رجال من عبد الأشهل[2]يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به، فقالوا: إنّ هذا الأصيرم، فما جاء به؟ لقد تركناه و إنه لمنكر لهذا الأمر، فسألوه ما جاء به؟ فقالوا له: ما جاء بك يا عمرو؟ أحدبا على قومك أم رغبة في الإسلام؟ فقال: بل رغبة في الإسلام، فآمنت باللَّه و رسوله، فأسلمت، و أخذت سيفي، و قاتلت مع رسول اللَّه حتى أصابني ما أصابني، ثم لم يلبث أن مات في أيديهم. فذكره لرسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) فقال: «إنّه لمن أهل الجنّة».
هذا إسناد حسن رواه جماعة من طريق ابن إسحاق.
و قد وقع من وجه آخر عن أبي هريرة سبب مناضلته عن الإسلام، فروى أبو داود من وجه آخر و الحاكم و غيرهما، من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة- أن عمرو بن أقيش كان له ربا في الجاهلية، فكره أن يسلم حتى يأخذه، فجاء في يوم أحد فقال: أي بنو عمي؟ قالوا: بأحد. قال: بأحد؟ [3] فلبس لأمته، و ركب فرسه، ثم توجّه قبلهم، فلما رآه المسلمون قالوا: إليك عنّا يا عمرو، قال: إني قد آمنت، فقاتل قتالا حتى جرح، فحمل إلى أهله جريحا، فجاءه سعد بن معاذ فقال لأخيه سلمة، حمية لقومه أو غضبا للَّه و رسوله؟ قال: بل غضبا للَّه و رسوله. فمات فدخل الجنة، و ما صلّى للَّه صلاة.
هذا إسناد حسن، و يجمع بينه و بين الّذي قبله بأنّ الذين قالوا أوّلا إليك عنّا قوم من المسلمين من غير قومه بني عبد الأشهل، و بأنهم لما وجدوه في المعركة حملوه إلى بعض أهله. و قد تعيّن في الرواية الثانية من سأله عن سبب قتاله.
و وقع لابن مندة في ترجمته وهمان: أحدهما أنه قال عمرو بن ثابت بن وقش [4] بن أصيرم بن عبد الأشهل فصحّف فيه، و إنما هو أصيرم بن عبد الأشهل. و الوهم الثاني أنه فرّق