اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 7
و شكرا و إن لي إليك حاجة. قلت: و ما هي؟ قال [1]: كان لي من [2] يتعاهدني [3] في وقت صلاتي [4] و يطعمني عند إفطاري، و قد فقدته منذ أمس، انظر [لي] [5]، هل تحسه لي. فقلت: إن في قضاء حاجة هذا العبد لقربة إلى اللَّه تعالى، فخرجت في طلبه حتى إذا كنت في كثبان من رمل، إذا سبع قد افترس الغلام فأكله، فقلت: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، كيف آتي هذا العبد الصالح من وجه رقيق فأخبره الخبر لئلا يموت، فأتيته، فسلّمت عليه، فردّ عليّ السلام، فقلت له [6]: إني سائلك عن شيء، أ تخبرني به؟
قال: إن كان عندي منه علم أخبرتك به. قلت: أنت أكرم على اللَّه عز و جل [7] منزلة أم أيوب (عليه السلام)؟ قال: بل أيوب (عليه السلام)[8] كان أكرم على اللَّه عز و جل مني، و أعظم منزلة. فقلت: أ ليس [قد] [9] ابتلاه فصبر، حتى استوحش منه من كان يأنس به، و صار غرضا لمرّار الطريق؟ فقال: بلى. قلت: إن ابنك الّذي أخبرتني من قصته ما أخبرتني [10]، خرجت في طلبه، حتى إذا كنت/ بين كثبان رمل، إذا أنا بالسبع قد افترس الغلام و أكله. فقال: الحمد للَّه الّذي لم يجعل في قلبي حسرة من الدنيا. ثم شهق شهقة فمات. فقلت: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، من يعينني على غسله و تكفينه و دفنه. فبينا أنا كذلك إذا بركب يريدون الرباط، فأشرت إليهم فأقبلوا، فقالوا: ما أنت و هذا؟
فأخبرتهم بالذي كان من أمره، فثنوا رحلهم [11] فغسلناه بماء البحر، و كفناه بأثواب كانت معهم، و وليت الصلاة عليه من بينهم، و دفناه في مظلته تلك، و مضى القوم إلى