اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 62
خلوت بها ذكرت إخواني فتذهمت أن أنال شهوة لا ينالوها، و ليس في يميني [1] ما يسعهم أخرج الجارية فبعها.
و في معنى هذه الحكاية قول الشاعر:/
و تركي مواساة الأخلاء بالذي * * * تنال يدي ظلم لهم و عقوق
و إني لأستحيي من الناس أن أرى * * * بحال اتساع و الصديق مضيق
قال الحاكم: و أخبرني أبو نصر الخفاف قال: أخبرنا محمد بن المنذر قال:
سمعت يعقوب [بن إسحاق بن أيوب] [2] الشيبانيّ يقول: سمعت أبي يحكي عن أبيه قال: كان عبد اللَّه بن المبارك يحج و معه أحمال و صناديق و خدم [3] كثيرة، و كان مع بعض خدمه قبجة فلما ارتحلوا من المنزل قدم اثقالهم، فنظر صاحب القبجة إلى القبجة و هي ميتة، فألقاها على كناسة [4]، و بقرب الكناسة باب صغير، و عبد اللَّه قائم على دابته، و نظر إلى جويرية تخرج رأسها و ترجع لتجد بذلك فرصة لكي لا يراها أحد، فتغافل عنها عبد اللَّه، فخرجت في إزارها [5] ليس عليها قميص و لا مقنعة، فحملت تلك القبجة، و دخلت الدار تعدو، فقال عبد اللَّه لغلام له: انزل و أقرع هذا الباب. و نزل الغلام و فعل ما أمره به، فخرجت تلك الجارية، فسألها عبد اللَّه عن حالها و قصتها و قصة القبجة الميتة، لما ذا حملتها؟ فقالت: يا أبا عبد اللَّه، أنا و أخت لي في هذه الحجرة ليس لنا في هذه الدنيا إلا هذا/ الإزار [الواحد] [6] و كان والدنا [7] رجلا موسرا [فمات] [8] فظلمنا و غصبنا على أموالنا، فبقينا بحال [9] تحلّ لنا [أكل] [10] الميتة، و ليس في منزلنا