اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 231
و روى الصولي قال: حدثني حسين بن يحيى قال: سمعت هبة اللَّه بن إبراهيم بن المهدي يحدث عنه أبيه قال: أحب الرشيد أن يعرف حقيقة علته، و علم أن ابن يختيشوع يكتمه، فواطأ إنسانا من أهل طوس و سأله أن يلاطف بختيشوع، ففعل، ثم أعطى الرجل ماءه و قال له: اذهب به إلى ابن بختيشوع على أنه ماء لمريض لك. ففعل الرجل ذلك، فلما رأى ابن بختيشوع الماء قال لبعض من معه: كأنه و اللَّه ماء الرجل ففطن الّذي جاء بالماء، فقال لابن بختيشوع: اتّق اللَّه في، فإن بيني و بين [1] هذا الرجل/ معاملات، فإن كان يعيش لم استقص عليه، و إن كان يموت فرغت مما بيني و بينه.
فقال: تريد أن أصدقك؟ قال: نعم. قال: صاحب هذا الماء لا يعيش إلا أياما. فعاد الرسول و أخبر الرشيد بذلك. و علم ابن بختيشوع بالأمر، فاختفى إلى أن مات الرشيد، و لما قرب موت الرشيد جعل يقول:
إني بطوس مقيم * * * ما لي بطوس حميم
أرجو إلهي لما بي * * * فإنه بي رحيم
لقد أتاني بطوس * * * قضاؤه المحتوم
[2] و قال: (احفروا لي قبرا. فحفروا له في ذلك البستان. فقال: احملوني انظر إليه.
فحمل فنظر إليه، فجعل يقول: أغثني أغثني، و ارحم عبرتي. ثم قال: قربوني قليلا.
فقربوه، فنظر في القبر فقال: وسعوا عند الصدر قليلا. ففعلوا، و هو ينظر، و أنزل قوما فختموا فيه القرآن، و قال: مدوا موضع الرجلين. ففعلوا، و هو في محفة على شفير القبر، ثم شخص ببصره إلى السماء و قال: يا من لا يموت، ارحم من يموت، يا من لا يزول ملكه، ارحم من قد زال ملكه [3]. ثم بكى بكاء شديدا، و أنشد:
/ أنا ميت و عزّ من لا يموت * * * قد تيقنت أنني سأموت
ليس ملك يزيله الموت ملكا * * * إنما الملك ملك من لا يموت
و توفي ليلة الأحد، و قيل: ليلة السبت نصف الليل، لغرّة جمادى الأولى، لثلاث