اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 227
بها في كل سنة، فبلغ ابن علية أن ابن المبارك قد قدم، فركب إليه، فلم يرفع به عبد اللَّه رأسا، و لم يكلمه، فانصرف، فلما كان من الغد كتب إليه رقعة فيها:
بسم اللَّه الرحمن الرحيم. أسعدك اللَّه بطاعته، و تولاك بحفظه، و حاطك بحياطته، قد كنت منتظرا لبرك و صلتك أتبرّك بها، و جئتك أمس فلم تكلمني، و رأيتك واجدا عليّ، فأي شيء رأيت مني حتى أعتذر إليك منه؟
فلما وردت الرقعة على عبد اللَّه دعا بالدواة و القرطاس و قال: يأبى هذا الرجل إلا أن نشق [1] له العصا، ثم كتب إليه:
يا جاعل الدين له بازيا * * * يصطاد أموال المساكين
احتلت للدنيا و لذاتها * * * بحيلة تذهب بالدين
/ فصرت مجنونا بها بعد ما * * * كنت دواء للمجانين
أين رواياتك في سردها * * * عن ابن عون و ابن سيرين
أين رواياتك و القول في * * * إتيان أبواب السلاطين
إن قلت أكرهت فذا باطل * * * زلّ حمار العلم في الطين
فلما وقف ابن علية على الأبيات قام من مجلس القضاء، فوطئ بساط هارون، و قال: يا أمير المؤمنين، اللَّه اللَّه ارحم شيبتي، فإنّي لا أصبر للخطإ. فقال له هارون:
لعل هذا المجنون قد أغرى بقلبك. فقال له: اللَّه اللَّه أنقذك اللَّه. فأعفاه من القضاء، فلما اتصل بعبد اللَّه بن المبارك ذلك وجّه إليه بالصرّة [2].
توفي ابن علية في ذي القعدة من هذه السنة، و دفن في مقابر عبد اللَّه بن مالك.
1059- محمد بن جعفر، أبو عبد اللَّه البصري، يلقب: غندر [3]. و هو مولى لهذيل