اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 219
سلام مولاه، و خليفته على البريد ليعلمه بوفاة الرشيد، فدخل على الأمين فعزّاه و هنأه بالخلافة.
و كان الأمين نازلا/ ببغداد في الخلد، فتحوّل إلى قصر [1] المنصور بالمدينة، و أمر الناس بالحضور، فحضروا، فصعد المنبر، فحمد اللَّه، و أثنى عليه، و نعى الرشيد إلى الناس، و عزّى نفسه و الناس، و وعدهم الخير و بسط الأمان للأسود و الأبيض.
فبايعه جلة [2] أهل بيته و خاصة مواليه و قوّاده، ثم دخل و وكل ببيعته من بقي منهم سليمان بن المنصور، و أمر للجند بمدينة السلام برزق سنتين، و اتخذ الفضل بن الربيع وزيرا، و ابنه العباس بن الفضل حاجبا، و جعل إسماعيل بن صبيح كاتبا، و جعله على ديوان الرسائل و التوقيعات و الخاتم. و جعل عيسى بن علي بن ماهان على الشرطة، و قيل: عبد اللَّه بن حازم.
أخبرنا ابن ناصر، أنبأنا أحمد بن خلف، حدّثنا أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه الحاكم، حدّثنا أحمد بن كامل قال: حدّثني عبد اللَّه بن إبراهيم النحويّ، حدّثنا أبو هفان، حدّثنا أحمد بن يوسف قال: دخل أبو نواس على محمد الأمين فهنأه بالخلافة و عزّاه بالرشيد في بيت، فأنشأ يقول:
جرت جوار بالسعد و النحس * * * فنحن في وحشة و في أنس
العين تبكي و السن ضاحكة * * * فنحن في مأتم و في عرس
/ يضحكها القائم الأمين و يبكيها * * * وفاة الرشيد بالأمس
بدران: بدر أضحى ببغداد في * * * الخلد و بدر بطوس في الرّمس
ثم قدم القادم بالبردة و القضيب و الخاتم، فوصل لثلاث عشرة بقيت من جمادى الآخرة، و قدم عليه حسين الخادم بالخزائن التي كانت مع الرشيد، و قدمت زبيدة من الرافقة في آخر رجب بخزائن الرشيد، فتلقاها محمد بالأنبار [3]، و كان الأمين قد بعث من يأتيه بأخبار الرشيد في زمن علّته كل يوم، و أرسل بدر بن المعتمر فكتب معه كتبا، و جعلها في قوائم صناديق منقورة، و ألبسها جلود لبقر، و قال: لا يظهرنّ أمير المؤمنين و لا أحد ممن في عسكره على شيء من أمرك، و ما توجهت فيه، و لا على ما معك، و لو