responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 9  صفحة : 199

إلى‌

اللَّه أشكو بخلها و سماحتي‌ * * * لها عسل مني و تبدل علقما [1]

فردي مصاب القلب أنت قتلته‌ * * * و لا تتركيه هائم القلب مغرما

قال: فاستفزني ما لا قوام لي به، و رجوت أن ترده فلم تفعل، و أخذت القربة و نهضت، فنزلت أعدو خلفها، و قلت: يا جارية. فوقفت، فقلت لها: بأبي أنت و أمي، ردّي الصوت. قالت: ما أشغلني عنك. قلت: بما ذا؟ قالت: علي خراج كل يوم درهمين. فأعطيتها درهمين، فوضعت القربة و جلست تغنيه حتى أخذته و انصرفت، فلهوت/ يومي به، و بت فأصبحت و ما أذكر منه حرفا واحدا، و إذا أنا بالسوداء قد طلعت، ففعلت كفعلها الأول، إلا أنها تغنت غير ذاك الصوت، فنهضت و عدوت في أثرها و قلت: الصوت قد ذهب عني نغمته. فأبت أن تعيده إلا بدرهمين، فأعطيتها، فأعادته فذكرته، فقلت: حسبك. فقالت: كأنك تكاثر فيه بأربعة دراهم، كأني و اللَّه بك و قد أصبت فيه أربعة آلاف دينار.

قال ابن جامع: فبينا أنا أغني الرشيد و بين يديه أكيسة أربعة، و في كل واحد ألف دينار، قال: من أطربني فله كيس، و عنّ لي و اللَّه الصوت. فغنيته، فرمى إليّ بكيس، ثم قال لي: أعد. فأعدت، فرمى إليّ بكيس آخر، ثم قال لي: أعد. فأعدت، فرمى إليّ بكيس، فتبسمت فقال لي: مم تضحك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، لهذا الصوت حديث عجيب. فحدثته الحديث، فضحك و رمى إليّ بالكيس الرابع، و قال: لا تكذب السوداء. و رجعت بأربعة آلاف دينار.

و قد روى نحو هذه الحكاية أبو الفرج علي بن عيسى الأصفهاني [2]: أن ابن جامع قال: انتقلت من مكة إلى المدينة لشدة لحقتني، فأصبحت يوما و ما أملك إلا ثلاثة دراهم، فهي في كمي، إذا بجارية في يدها جرة تريد الرّكي [3]، تسعى بين يدي، و ترنم بصوت شجي:

شكونا إلى أحبابنا طول ليلنا * * * فقالوا لنا ما أقصر الليل عندنا


[1] العجز في الأصل: (حتى لها غسل مني و تبدل علقما) و لا يستقيم معه الوزن و التصحيح من البداية و النهاية 10/ 207.

[2] انظر الأغاني 6/ 289- 326.

[3] الرّكي: جنس للركية، و هي البئر (لسان العرب «ركا» ص 1722).

اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 9  صفحة : 199
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست