اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 172
الشاذكوني. قال: يا شاذكوني يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ[1] قال: ليس هذا من علمي، هذا من علم أبي حاتم. قال: يا أبا حاتم،/ كيف تكتب إلى أمير المؤمنين كتابا تصف فيه خصاصة أهل البصرة و ما أصابهم في الثرمة، و تسأله لهم النّظر و النظرة؟ قال: لست- رحمك اللَّه- صاحب بلاغة و كتابة، أنا صاحب قرآن. فقال: ما أقبح الرجل يتعاطى العلم خمسين سنة لا يعرف إلا فنا واحدا، حتى إذا سئل عن غيره لم يجل فيه و لم يمر، و لكن عالمنا بالكوفة الكسائي لو سئل عن هذا كله أجاب [2].
أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد بن علي، أخبرنا أبو محمد عبد اللَّه بن أحمد الأصفهاني، حدّثنا جعفر الخالديّ، حدّثنا ابن مسروق، حدّثنا سلمة بن عاصم قال:
قال الكسائي: صليت بهارون الرشيد فاعجبتني قراءتي، فغلطت في آية ما غلط فيها صبي قط، أردت أن أقول: لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[3] فقلت: لعلهم يرجعين، فو اللَّه ما اجترأ هارون [أن] [4] يقول لي أخطأت، و لكنه لما سلمت قال لي: يا كسائي، أي لغة هذه؟ قلت: يا أمير المؤمنين، قد يعثر الجواد. فقال: أما هذا فنعم [5].
أخبرنا عبد الرحمن، أخبرنا أبو بكر بن علي، أخبرنا هلال بن الحسن، أخبرنا ابن الجراح، أخبرنا أبو بكر بن الأنباري قال: قال لي الفراء: لقيت الكسائي يوما فرأيته كالباكي، فقلت: ما يبكيك؟ فقال: هذا الملك يحيى بن خالد يوجّه إليّ فيحضرني فيسألني عن الشيء، فإن أبطأت في الجواب لحقني منه عيب [6]، و إن بادرت لم آمن الزلل. قال: فقلت- ممتحنا له-: يا أبا الحسن، من يعترض [7] عليك قل ما شئت، فأنت الكسائي. فأخذ لسانه بيده/ فقال: قطعه اللَّه إن قلت ما لا أعلم [8].