اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 139
له بشاعر من أهل جدّة يقال له: أبو محمد عبد اللَّه بن يوسف فأخبره بذلك في أبيات [1].
و في هذه السنة: قتل إبراهيم بن محمد [بن عثمان] [2] بن نهيك. و قيل: إنما قتل في سنة ثمان و ثمانين [3].
و سبب قتله: أنه كان كثيرا ما يذكر البرامكة فيبكي حبّا لهم، إلى أن خرج من حد البكاء و دخل في باب طالبي الثار، فكان إذا خلا بجواريه فشرب و سكر قال: يا غلام، سيفي، فيجيء غلامه بالسيف، فينتضيه ثم يقول: وا جعفراه، وا سيداه، و اللَّه لأقتلن قاتلك. فلما كثر هذا من فعله جاء ابنه [4] عثمان إلى الفضل بن الربيع فأخبره، فأخبر الفضل الرشيد، فقال: أدخله. فأدخله فقال: ما الّذي قال عنك الفضل؟ فأخبره بقول أبيه و فعله [5]. فقال الرشيد: فهل سمع هذا أحد معك؟ قال: نعم، خادمه. فدعا خادمه/ سرا فسأله، فقال: قد قال ذلك غير مرة [6]. فقال الرشيد: ما يحل لي أن أقتل وليا من أوليائي بقول غلام و خصيّ [7]، لعلهما تواصيا على هذا. فأراد أن يمتحن إبراهيم، فقال للفضل: إذا حضر الشراب فادعه، فإذا شرب خلّني و إياه. ففعل ذلك الفضل، فلما خلا به الرشيد قال: يا إبراهيم، كيف أنت و موضع السر من قلبك [8]؟ قال: يا سيدي، أنا كأحسن عبيدك و أطوع خدمك. قال: إن في نفسي. أمرا أريد أن أودعك إياه قد ضاق صدري، و أسهد [9] ليلي. قال: إذا أخفيه أن تعلمه نفسي. قال: ويحك! قد ندمت على قتل جعفر بن يحيى ندامة ما أحسن أن أصفها، فوددت أني خرجت من ملكي، و أنه كان بقي لي، فما وجدت طعم النوم [10] منذ فارقته، و لا لذّة العيش منذ قتلته. فلما سمعها
[1] تاريخ الطبري 8/ 307- 310. البداية و النهاية 10/ 193، 194. و الكامل 5/ 333، 334.