اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 8 صفحة : 200
الحائط، فلما انصرف إليه بوجهه و سلم عليه فرد عليه ردا ضعيفا و قال: يا بني، كيف أبوك؟ قال [1]: بخير، يقرأ عليك السلام و يعلمك بما قد لزمه من الغرم، و يستسلفك مائة ألف درهم، فما رد عليه قليلا و لا كثيرا، و قال: إن أمكنني شيء فسيأتيك، فانصرف و هو يقول: لعن اللَّه كل شيء يأتي من تيهك و كبرك. و رجع إلى أبيه و أعلمه بالخبر، فإذا رسول عمارة قد طلع بالمائة ألف، فجمعوا في يومين ألفي ألف و سبع مائة ألف، فورد على المنصور [2]: انتقاض الموصل و انتشار الأكراد، فقال المنصور: من لها؟ فقال له المسيب: ما رميتها بمثل خالد، قال: ويحك، فيصلح لنا بعد ما أتينا إليه ما أتينا؟ قال:
إنما كان ذلك تقويما له يا أمير المؤمنين و أنا ضامن عليه، قال: فليحضر غدا، فأحضر فصفح له عن الثلاثمائة ألف و عقد له [3]. فلم يزل خالد على [الموصل إلى] [4] أن توفي المنصور، و يحيى على أذربيجان، و كان المنصور معجبا بيحيى، و كان يقول: ولد الناس أبناء و ولد خالد آباء.
و روى الجاحظ عن ثمامة قال: كان أصحابنا يقولون: لم يكن يرى لجليس خالد بن برمك دارا إلا و خالد قد بناها، و لا ضيعة إلا و هو اشتراها، و لا ولدا إلا و هو اشترى أمه إن كانت أمة، أو أمهرها إن كانت حرة، و لا دابة إلا و هي من حملانه.
و كان خالد أول من سمى أهل الاستماحة و الاسترفاد الزوار، فقال بعض من قصده:
حذا خالد في جوده حذو برمك * * * فمجد له مستطرف و ثليل
و كان بنو الإعدام يدعون قبله * * * بنبر على الإعدام فيه دليل
91/ أ/ يسمون بالسّؤال في كل موطن * * * و إن كان فيهم نابه و جليل
فسماهم الزوار سترا عليهم * * * و استاره في المحتدين سدول
و في هذه السنة [5]: نزل المنصور قصره الّذي يعرف بالخلد على دجلة، و إنما