اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 8 صفحة : 163
بينا أنا على رأس معن إذا هو براكب يوضع، فقال معن: ما أحسب هذا/ الرجل 75/ ب يريد إلا إياي، ثم قال لحاجبه: لا تحجبه، فجاء حتى مثل بين يديه، فقال:
أصلحك اللَّه قل ما بيدي * * * فما أطيق العيال إذ كثروا
ألح دهر رمى بكلكله * * * فأرسلوني إليك و انتظروا
فقال معن و أخذته أريحية: لا جرم و اللَّه لأعجلن أوبتك، ثم قال: يا غلام، ناقتي الفلانية و ألف دينار، فدفعها إليه و هو لا يعرفه.
أخبرنا القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي، قال: أخبرني الأزهري، قال: حدّثنا أبو القاسم عبيد اللَّه بن أحمد المقري، قال: حدّثنا أبو طالب الكاتب، قال: حدّثنا أبو عكرمة الضبي [1]، قال: حدّثنا سليمان، قال [2]:
خرج المهدي يوما يتصيد، فلقيه الحسين بن مطير فأنشده يقول:
أضحت يمينك من جود مصورة * * * لكن يمينك منها صوّر الجود
من حسن وجهك تضحي الأرض مشرقة * * * و من بنانك يجري الماء في العود
فقال المهدي: كذبت يا فاسق، و هل تركت في شعرك موضعا لأحد مع قولك في معن بن زائدة:
ألما بمعن ثم قولا لقبره * * * سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا
فيا قبر معن كنت أول حفرة * * * من الأرض حطت للمكارم مضجعا
أيا قبر معن كيف واريت جوده * * * و قد كان منه البر و البحر مترعا
و لكن حويت الجود و الجود ميّت * * * و لو كان حيا ضقت حتى تصدعا
و ما كان إلا الجود صورة وجهه [3] * * * فعاش ربيعا ثم ولى فودعا
فلما مضى معن مضى الجود و الندى * * * و أصبح عرنين المكارم أجدعا
[1] كذا في الأصول، و في تاريخ بغداد «أبو عكرمة عمرو بن عام، كذا قال، و إنما هو عامر بن عمران الضبي».