اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 8 صفحة : 146
بينك و بينه عقدا، قال: أفعل فأرسل إليه، فأظهر كرامة و برا، فخرج في أربعمائة من أصحابه يتصيد و يتنزه، و بلغ الخبر المنصور فعزل عمر، و ولى هشاما، و قال له: إن أسلم ذلك الملك عبد اللَّه بن محمد و إلا حاربه، و كتب إلى عمر بولاية إفريقية، فكان هشام يدفع عن عبد اللَّه و يتمادى في أمره، فخرجت خارجة ببلاد الشام فبعث إليهم أخاه، فبينا هو يسير إذا [هو] [1] برهج، فظنه مقدمات العدو الّذي يقصده، فوجه طلائعه فقالوا: ليس بعدوك، و لكن عبد اللَّه بن محمد ركب متنزها، فمضى يريده، فقال له نصّاحه [2]: هذا ابن رسول اللَّه، و قد علمت أن أخاك قد تركه مخافة أن يبوء بدمه و لم يقصدك. فأعرض عنه، فقال: لا أدع حظي من التقرب من المنصور بأخذه أو قتله، فقصده، و كان في عشرة آلاف، فقاتله فقتل عبد اللَّه و أصحابه كلهم، فكتب بذلك إلى 68/ ب المنصور فشكره، و أمره بمحاربة الملك الّذي آواه فحاربه و ظفر به و قتله/ و كان عبد اللَّه قد اتخذ بحضرة ذلك الملك جواري فأولد منهن جارية، فحملها و ابنها إلى المنصور، فأمر أن يسلم إلى أقربائه.
و في هذه السنة: قدم المهدي من خراسان في شوال على المنصور، فوفد إليه عامة أهل بيته [من كل بلد] [3] يهنئونه فأجازهم و كساهم و حملهم، و فعل بهم المنصور مثل ذلك، و أجرى على كل رجل منهم خمس مائة درهم.
و في هذه السنة: ابتدأ المنصور ببناء الرصافة في الجانب الشرقي من مدينة السلام لابنه المهدي.
و كان السبب في ذلك: أن الراوندية لما حاربوا المنصور [4] على باب الذهب دخل عليه قثم بن العباس بن عبد اللَّه بن العباس، و هو يومئذ شيخ كبير و مقدّم عند القوم، فقال له أبو جعفر: أما ترى ما نحن فيه من التياث العسكر علينا، قد خفت أن نجتمع كلمتهم فيخرج هذا الأمر من أيدينا، فما ترى؟ فقال: يا أمير المؤمنين، عندي