responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 8  صفحة : 121

حتى عمي، و كان يتمناك على اللَّه و يقول: حضرت مجلس أبي عامر البناني، فأحيا موات قلبي، و طرد وسن نومي، فإن سمعته ثانية قتلني، فجزاك اللَّه من واعظ خيرا، و متعك من كلمك بما أعطاك، ثم أكبت على أبيها تقبل عينيه و هي تبكي و تقول: يا أبي، يا أبتاه، يا من أعماه البكاء، يا أبي، يا أبتاه، يا من قتله ذكر و عيد ربه ثم علا البكاء و النحيب و الاستغفار و الدعاء، و جعلت تقول: يا أبي، يا أبتاه، يا حليف الحرقة و البكاء. يا أبي يا أبتاه، يا جليس الابتهال و الدعاء، يا أبي، يا أبتاه، يا صريخ المذكرين و الخطباء، يا أبي يا أبتاه، يا قتيل الوعاظ و الحكماء. قال أبو عامر: فأجبتها: أيتها الباكية الجرباء، و النادبة الثكلى، إن أباك نحبه قد قضي، و ورد دار الجزاء، و عاين كل ما عمل، و عليه يحصى في كتاب عند ربي، لا ينسى لمحسن فله الزلفى، أو مسي‌ء فوارد دار من أساء. فصاحت الجارية كصيحة أبيها، ثم جعلت ترشح عرقا، و خرجت مبادرا إلى مسجد المصطفى ( صلّى اللَّه عليه و سلّم )، و فرغت إلى الصلاة و الدعاء و الاستغفار و التضرع و البكاء حتى إذا كان عند صلاة العصر، فجاءني الغلام الأسود فأذنني بجنازتيهما و قال: احضر الصلاة عليهما و دفنتهما. و سألت عنهما فقيل لي من ولد الحسين بن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنهم.

قال أبو عامر: فما زلت جزعا حذرا مما جنيت، حتى رأيتهما في المنام عليهما حلتان خضراوتان، فقلت: مرحبا بكما و أهلا، فما زلت حذرا بما و وعظتكما به، ما ذا/ 58/ ب صنع اللَّه بكما؟ فقال الشيخ:

أنت شريكي في الّذي نلته‌ * * * مستأهلا ذاك يا أبا عامر

و كل من أيقظ ذا غفلة * * * فنصف ما يعطاه للآمر

من ردّ عبدا آبقا مذنبا * * * كان كمن قد راقب القاهر

و اجتمعا في دار عدل و في‌ * * * جوار رب سيد غافر

اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 8  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست