اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 232
السلام لما مات جعله بنو شيث في مغارة في الجبل الّذي أهبط عليه بأرض الهند، و يقال للجبل نود.
و قال هشام: و أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: فكان بنو شيث يأتون جنب آدم في المغارة فيعظمونه و يترحمون عليه، فقال رجل من بني قابيل: إن لبني شيث دوارا يدورون حوله و يعظمونه و ليس لكم شيء فنحت لهم صنما فكان أول من عملها [1].
و أخبرني أبي، قال: كان ودّ، و سواء، و بغوث، و يعوق، و نمر، قوما صالحين، فماتوا في شهر فجزع عليهم أهاليهم و أقاربهم، فقال رجل من بني قابيل: يا قوم هل لكم أن أعمل لكم خمسة أصنام على صورهم، غير أني لا أقدر أن أجعل فيها أرواحا، قالوا: نعم، فنحت لهم خمسة أصنام على صورهم و نصبها لهم، و كان الرجل يأتي أخاه و عمه و ابن عمه ليعظمه و يسعى حوله حتى ذهب ذلك القرن الأول، و عملت على عهد يرد بن مهلائيل، ثم جاء قرن آخر فعظموهم أشد من تعظيم القرن الأول، ثم جاء من بعدهم القرن الثالث، فقالوا: ما عظم أولونا هؤلاء إلا و هم يرجون شفاعتهم عند اللَّه، فعبدوهم و عظم أمرهم و اشتد كفرهم، فبعث اللَّه إليهم إدريس، فدعاهم، و لم يزل أمرهم يشتد حتى بعث نوحا و جاء الطوفان، فأهبط الماء هذه الأصنام من أرض إلى أرض حتى قذفها إلى أرض جدة [2].
و الصحيح ان هذه الأصنام الخمسة عملت بعد نوح على ما سنذكره، فيجوز أن يكونوا عملوها أتباعا لفعل قدمائهم.