responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 273
وَاللَّهِ مَا أَرَى إِلَّا حُمَيْرَاءَ، فَقَالَتْ: هَتَكَ اللَّهُ سِتْرَكَ وَقَطَعَ يَدَكَ وَأَبْدَى عَوْرَتَكَ.
فَقُتِلَ بِالْبَصْرَةِ وَسُلِبَ وَقُطِعَتْ يَدُهُ وَرُمِيَ عُرْيَانًا فِي خَرِبَةٍ مِنْ خَرَابَاتِ الْأَزْدِ.
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ دَخَلَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ الْبَصْرَةَ - وَمَعَهَا أَخُوهَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ - فَنَزَلَتْ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ الْخُزَاعِيِّ وَهِيَ أَعْظَمُ دَارٍ بالبصرة - على صفية بنت الحارث بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، وَهِيَ أُمُّ طَلْحَةَ الطلحات عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ، وَتَسَلَّلَ الْجَرْحَى مِنْ بين القتلى فدخلوا البصرة، وَقَدْ طَافَ عَلِيٌّ بَيْنَ الْقَتْلَى فَجَعَلَ كُلَّمَا مر برجل يعرفه ترحم عَلَيْهِ وَيَقُولُ: يعزُّ عليَّ أَنْ أَرَى قُرَيْشًا صرعى.
وقد مر على ما ذُكِرَ عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ مَقْتُولٌ فَقَالَ: لَهْفِي عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتَ كَمَا قَالَ الشَّاعر: فَتًى كَانَ يُدْنِيهِ الْغِنَى مِنْ صَدِيقِهِ * إِذَا مَا هُوَ اسْتَغْنَى ويبعده الفقر وأام علي بظاهر البصرة ثلاثاً ثم صلى على القتلى من الفريقين، وخص قريش بِصَلَاةٍ مِنْ بَيْنِهِمْ، ثُمَّ جَمَعَ مَا وَجَدَ لأصحاب عائشة في المعسكر وَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُحْمَلَ إِلَى مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ، فَمَنْ عَرَفَ شَيْئًا هُوَ لِأَهْلِهِمْ فَلْيَأْخُذْهُ، إِلَّا سِلَاحًا كَانَ فِي الْخَزَائِنِ عَلَيْهِ سِمَةُ السُّلْطَانِ.
وَكَانَ مَجْمُوعُ مَنْ قُتِلِ يَوْمَ الْجَمَلِ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ عَشَرَةَ آلَافٍ [1] ، خَمْسَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ وَخَمْسَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ.
وَقَدْ سَأَلَ بَعْضُ أَصْحَابِ عَلِيٍّ عَلِيًّا أَنْ يُقَسِّمَ فِيهِمْ أَمْوَالُ أَصْحَابِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، فأبى عليهم فطعن فيه السبائية وَقَالُوا: كَيْفَ يحلُّ لَنَا دِمَاؤُهُمْ وَلَا تَحُلُّ لَنَا أَمْوَالُهُمْ؟ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَقَالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ تَصِيرَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فِي سَهْمِهِ؟ فسكت القوم، ولهذا لما دخل البصرة فضَّ فِي أَصْحَابِهِ أَمْوَالَ بَيْتِ الْمَالِ، فَنَالَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ خَمْسَمِائَةٍ، وَقَالَ: لَكُمْ مِثْلُهَا مِنَ الشام، فتكلم فيه السبائية أيضاً ونالوا منه من وراء وراء.
فَصْلٌ وَلَمَّا فَرَغَ عَلِيٌّ مِنْ أَمْرِ الْجَمَلِ أتاه وجوه الناس يسلمون عليه، فكان ممن جَاءَهُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ فِي بَنِي سَعْدٍ - وَكَانُوا قَدِ اعْتَزَلُوا الْقِتَالَ - فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: تربعت - يَعْنِي بِنَا - فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُرَانِي إِلَّا قَدْ أَحْسَنْتُ، وَبِأَمْرِكَ كَانَ مَا كَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَارْفُقْ فَإِنَّ طَرِيقَكَ الَّذِي سَلَكْتَ
بِعِيدٌ، وَأَنْتَ إِلَيَّ غَدًا أَحْوَجُ مِنْكَ أَمْسِ، فاعرف إحساني، واستبق موتي لغدٍ، وَلَا تَقُلْ مِثْلَ هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَزَلْ لَكَ نَاصِحًا.
قَالُوا: ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ الْبَصْرَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَبَايَعَهُ أَهْلُهَا عَلَى رَايَاتِهِمْ، حتى الجرحى والمستأمنة.
وجاءه عبد الرحمن ن بْنُ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ فَبَايَعَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَيْنَ الْمَرِيضُ؟ - يَعْنِي أَبَاهُ - فَقَالَ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَرِيضٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّهُ عَلَى مسرتك لحريص.
فقال: امش

[1] في مروج الذهب 2 / 387 و 410 ثلاثة عشر ألفاً، من أصحاب علي قتل خمسة آلاف.
وفي فتوح ابن الاعثم 2 / 342: قتل من أصحابه (على) ألف رجل وسبعون رجلاً (ومن أصحاب عائشة) فقتل من الازد أربعة الآلف رجل، ومن بني ضبة ألف رجل ومن بني ناجية أربعمائة رجل، ومن بني عدي ومواليهم تسعون رجلا، ومن بني بكر بن وائل ثمانمائة رجل ومن بني حنظلة سبعمائة رجل ومن سائر أخلاط الناس تسعة الآف رجل.
(*)
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 273
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست