responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 272
واختلفا ضربتين فقتل كل واحد صاحبه، وأحدق أهل النجدات والشجاعة بعائشة، فكان لا يأخذ الراية ولا بخطام الجمل إِلَّا شُجَاعٌ مَعْرُوفٌ، فَيَقْتُلُ مَنْ قَصَدَهُ ثُمَّ يُقْتَلُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَدْ فَقَأَ بَعْضُهُمْ عَيْنَ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ذَلِكَ الْيَوْمَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأَخَذَ بِخِطَامِ الْجَمَلِ وَهُوَ لَا يَتَكَلَّمُ فَقِيلَ لِعَائِشَةَ إِنَّهُ ابْنُكِ ابْنُ أُخْتِكِ فَقَالَتْ: وَاثُكْلَ أَسْمَاءَ! وَجَاءَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ فَاقْتَتَلَا فَضَرَبَهُ الْأَشْتَرُ عَلَى رَأْسِهِ فَجَرَحَهُ جُرْحًا شَدِيدًا وَضَرَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ ضَرْبَةً خَفِيفَةً ثُمَّ اعْتَنَقَا وَسَقَطَا إِلَى الْأَرْضِ يَعْتَرِكَانِ فَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يقول: اقتلوني ومالكاً * واقتلوا مالكاً معي فجعل الناس لا يعرفون مالكاً من هو وإنما هو معروف بِالْأَشْتَرِ فَحَمَلَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ فَخَلَّصُوهُمَا وَقَدْ جُرِحَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبير يَوْمَ الْجَمَلِ بِهَذِهِ الْجِرَاحَةِ سَبْعًا وَثَلَاثِينَ جِرَاحَةً، وَجُرِحَ
مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَيْضًا، ثمَّ جَاءَ رَجُلٌ [1] فَضَرَبَ الْجَمَلَ عَلَى قَوَائِمِهِ فَعَقَرَهُ وَسَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ، فَسُمِعَ لَهُ عَجِيجٌ مَا سُمِعَ أَشَدُّ وَلَا أَنْفَذُ مِنْهُ، وَآخِرُ مَنْ كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِهِ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ فَعُقِرَ الْجَمَلُ وَهُوَ فِي يَدِهِ، وَيُقَالُ إِنَّهُ اتَّفَقَ هُوَ وَبُجَيْرُ بْنُ دُلْجَةَ عَلَى عَقْرِهِ، وَيُقَالُ إِنَّ الَّذِي أَشَارَ بعقر الجمل عَلِيٌّ، وَقِيلَ الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو لِئَلَّا تُصَابُ أم المؤمنين، فإنها بقيت غَرَضًا لِلرُّمَاةِ، وَمَنْ يُمْسِكُ بِالزِّمَامِ بُرْجَاسًا لِلرِّمَاحِ، وَلِيَنْفَصِلَ هَذَا الْمَوْقِفُ الَّذِي قَدْ تَفَانَى فِيهِ الناس ولما سقط البعير إلى الأرض انهزم من حوله من الناس، وحمل هودج عائشة وإنه لكالقنفذ من السهام، وَنَادَى مُنَادِي عَلِيٍّ فِي النَّاسِ: إِنَّهُ لَا يُتْبَعُ مُدْبِرٌ وَلَا يَذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ، وَلَا يَدْخُلُوا الدُّورَ، وَأَمَرَ عَلِيٌّ نَفَرًا أَنْ يَحْمِلُوا الْهَوْدَجَ مِنْ بَيْنِ الْقَتْلَى، وَأَمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعَمَّارًا أَنْ يَضْرِبَا عَلَيْهَا قُبَّةً، وَجَاءَ إِلَيْهَا أَخُوهَا مُحَمَّدٌ فَسَأَلَهَا هَلْ وَصَلَ إليك شئ من الجراح؟ فقالت: لا! وما أنت ذاك يا بن الْخَثْعَمِيَّةِ.
وَسَلَّمَ عَلَيْهَا عَمَّارٌ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتِ يَا أُمَّ؟ فَقَالَتْ: لَسْتُ لَكَ بِأُمٍّ.
قَالَ: بَلَى! وَإِنْ كَرِهْتِ وَجَاءَ إِلَيْهَا عَلِيُّ بْنُ أبي طالب أمير المؤمنين مُسَلِّمًا فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتِ يَا أُمَّهْ؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكِ.
وَجَاءَ وُجُوهُ الناس من الأمراء والأعيان يسلمون على أم المؤمنين رضي الله عنها، وَيُقَالُ إِنَّ أَعْيَنَ بْنَ ضُبَيْعَةَ الْمُجَاشِعِيَّ اطَّلَعَ فِي الْهَوْدَجِ فَقَالَتْ: إِلَيْكَ لَعَنَكَ اللَّهُ، فَقَالَ:

[1] في الطبري 5 / 218 عقر الجمل رجل من بني ضبة يقال له ابن دلجة عمرو أو بجير وقال في ذلك الحارث بن قيس وكان من أصحاب عائشة نحن ضربنا ساقه فانجدلا * من ضربة بالنفر كانت فيصلا لو لم نكون للرسول ثقلا * وحرمة لاقتسمونا عجلا وقد نحل ذلك المثنى بن مخرمة من أصحاب علي.
وفي الاخبار الطوال ص 151: كشف عرقوبه بالسيف رجل من مراد الكوفة يقال له أعين بن ضبيعة.
وفي فتوح ابن الاعثم 2 / 333 عبد الرحمن بن صرد التنوخي عرقبه من رجليه جميعا فوقع الجمل لجنبه وضرب بجرانه الارض.
(*)
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 272
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست